السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞ وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (28)

{ واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة } أي : محنة من الله تعالى ليبلوكم فيهم ، فلا يحملنكم حبهم على الخيانة كأبي لبابة ؛ لأنه يشغل القلب بالدنيا ويصيره حجاباً عن خدمة المولى .

ثم إنه تعالى نبه بقوله تعالى : { وإنّ الله عنده أجر عظيم } على أنّ سعادات الآخرة خير من سعادات الدنيا ؛ لأنها أعظم في الشرف ، وأعظم في القوّة ، وأعظم في المدّة ؛ لأنها تبقى بقاء لا نهاية له فهذا هو المراد من وصف الله الأجر الذي عنده بالعظم .

قال الرازي : ويمكن أن يتمسك بهذه الآية في بيان أن الاشتغال بالنوافل أفضل من الاشتغال بالنكاح ؛ لأنّ الاشتغال بالنوافل يفيد الأجر العظيم عند الله ، والاشتغال بالنكاح يفيد الولد ، ويوجب الحاجة إلى المال ، وذلك فتنة ، ومعلوم أنّ ما يفضي إلى الأجر العظيم عند الله هو خير مما يفضي إلى الفتنة ، اه . لكن محله في غير المحتاج إلى النكاح الواجد أهبته ، وإلا فالنكاح حينئذٍ أفضل وأولى من التخلي للعبادة .