محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞ وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (28)

قال الرازي : ثم إنه لما كان الداعي إلى الإقدام على الخيانة هو حب الأموال والأولاد ، نبه تعالى على أنه يجب على العاقل أن يحترز عن المضارة المتولدة من ذلك الحي فقال :

/28 { واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم }

{ واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة } أي محنة من الله ليبلوكم ، هل تقعون بهما في الخيانة ، أو تتركون لهما الاستجابة لله ولرسوله ، أو لا تلهون بهما عن ذكره ، ولا تعتاضون بهما منه . فسموا { فتنة } اعتباراً بما ينال الإنسان من الاختبار بهم . ويجوز أن يراد ( بالفتنة ) الإثم أو العذاب ، فإنهم سبب الوقوع في ذلك .

قال الحاكم : قد أمر الله بالعلم بذلك ، وطريق العلم به التفكر في أحوالهما وزوالهما ، وقلة الانتفاع بهما ، وكثرة الضرر ، وأنه قد يعصي الله بسببهما .

وقوله تعالى : { وأن الله عنده أجر عظيم } أي لمن آثر رضاه على جمع المال وحب الولد ، فلم يورط نفسه من أجلهما . وقد جاء التحذير من فتنتهما صراحة مع الترهيب الشديد في قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون } {[4349]} قيل : هذه الآية من جملة ما نزل في أبي لبابة ، وما فرط منه لأجل ماله وولده .


[4349]:[ 63 / المنافقون / 9].