التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{قُلۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ} (84)

المخاطب بفعل قل هو النبي صلى الله عليه وسلم ليقول ذلك بمسمع من الناس : مسلمهم ، وكافرهم ، ولذلك جاء في هذه الآية قوله : { وما أنزل علينا } أي أنزل عليّ لتبليغكم فجعل إنزاله على الرسول والأمة لاشتراكهم في وجوب العمل بما أنزل ، وعدّى فعل ( أنزل ) هنا بحرف ( على ) باعتبار أنّ الإنزال يقتضي علوّاً فوصول الشيء المنزَل وصول استعلاء وعدّي في آية سورة البقرة بحرف ( إلى ) باعتبار أنّ الإنزال يتضمن الوصول وهو يتعدّى بحرف ( إلى ) . والجملة اعتراض . واستئناف : لتلقين النبي عليه السلام والمسلمين كلاماً جامعاً لمعنى الإسلام ليدوموا عليه ، ويعلن به للأمم ، نشأ عن قوله : { أفغير دين الله يبغون } [ آل عمران : 83 ] .

ومعنى : { لا نفرق بين أحد منهم } أننا لا نعادي الأنبياء ، ولا يحملنا حبّ نبيئنا على كراهتهم ، وهذا تعريض باليهود والنصارى ، وحذف المعطوف وتقديره لا نفرق بين أحد وآخر ، وتقدم نظير هذه الآية في سورة البقرة . وهذه الآية شعار الإسلام وقد قال الله تعالى : { وتؤمنون بالكتاب كله } [ آل عمران : 119 ] .

وهنا انتهت المجادلة مع نصارى نجران .