جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{قُلۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ} (84)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ قُلْ آمَنّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنّبِيّونَ مِن رّبّهِمْ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }

يعني بذلك جلّ ثناؤه : أفغير دين الله تبغون يا معشر اليهود ، وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها ، وإليه ترجعون ، فإن ابتغوا غير دين الله يا محمد ، فقل لهم : آمنا بالله . فترك ذكر قوله : «فإن قالوا نعم » ، وذكر قوله : «فإن ابتغوا غير دين الله » ، لدلالة ما ظهر من الكلام عليه .

وقوله : { قُلْ آمَنّا بِاللّهِ } يعني به : قل لهم يا محمد : صدّقنا بالله أنه ربنا وإلَهنا ، لا إلَه غيره ، ولا نعبد أحدا سواه¹ { وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا } يقول : وقل : وصدّقنا أيضا بما أنزل علينا من وحيه وتنزيله ، فأقررنا به¹ { وَمَا أُنْزِلَ على إِبْرَاهِيمَ } يقول : وصدقنا أيضا بما أنزل على إبراهيم خليل الله¹ { و }على ابنيه { إِسْماعيل وَإِسْحاقَ } وابن ابنه { يَعْقُوبَ } وبما أنزل على الأسباط ، وهم ولد يعقوب الاثنا عشر ، وقد بينا أسماءهم بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . { وَما أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى } يقول : وصدقنا أيضا مع ذلك بالذي أنزل الله على موسى وعيسى من الكتب والوحي ، وبما أنزل على النبيين من عنده . والذي آتى الله موسى وعيسى ، مما أمر الله عزّ وجلّ محمدا بتصديقهما فيه والإيمان به التوراة التي آتاها موسى ، والإنجيل الذي أتاه عيسى . { لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِنْهُمْ } يقول : لا نصدّق بعضهم ونكذّب بعضهم ، ولا نؤمن ببعضهم ونكفر ببعضهم ، كما كفرت اليهود والنصارى ببعض أنبياء الله ، وصدّقت بعضا ، ولكنا نؤمن بجميعهم ، ونصدّقهم . { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } يعني : ونحن ندين لله بالإسلام ، لا ندين غيره ، بل نتبرأ إليه من كل دين سواه ، ومن كل ملة غيره . ويعني بقوله : { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } : ونحن له منقادون بالطاعة ، متذللون بالعبودية ، مقرّون له بالألوهة والربوبية ، وأنه لا إلَه غيره . وقد ذكرنا الرواية بمعنى ما قلنا في ذلك فيما مضى ، وكرهنا إعادته .