التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{إِنَّ وَلِـِّۧيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّـٰلِحِينَ} (196)

هذا من المأمور بقوله ، وفصلت هذه الجملة عن جملة { ادعوا شركاءكم } [ الأعراف : 195 ] لوقوعها موقع العلة لمضمون التحدي في قوله { ادعوا شركاءكم } [ الأعراف : 195 ] الآية الذي هو تحقق عجزهم عن كيده ، فهذا تعليل لعدم الاكتراث بتألبهم عليه واستنصارهم بشركائهم ، ولثقته بأنه منتصر عليهم بما دل عليه الأمر والنهي التعجيزيان . والتأكيد لرد الإنكار .

والولي الناصر والكافي ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { قل أغير الله أتخذ ولياً } [ الأنعام : 14 ] .

وإجراء الصفة لاسم الله بالموصولية لما تدل عليه الصلة من علاقات الولاية ، فإن إنزال الكتاب عليه وهو أميٌّ دليل اصطفائه وتوليه .

والتعريف في الكتاب للعهد ، أي الكتاب الذي عهدتموه وسمعتموه وعجزتم عن معارضته وهو القرآن ، أي المقدار الذي نزل منه إلى حد نزول هذه الآية .

وجملة : { وهو يتولى الصالحين } معترضة والواو اعتراضيه .

ومجيء المسند فعلاً مضارعاً لقصد الدلالة على استمرار هذا التولي وتجدده وأنه سنّة إلهية ، فكما تولى النبي يتولى المؤمنين أيضاً ، وهذه بشارة للمسلمين المستقيمين على صراط نبيهم صلى الله عليه وسلم بأن ينصرهم الله كما نصر نبيه وأولياءهُ .

والصالحون هم الذين صلحت أنفسهم بالإيمان والعمل الصالح .