نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّ وَلِـِّۧيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّـٰلِحِينَ} (196)

قدم الدين إشارة إلى أنه الأهم فقال مؤكداً في مقابلة إنكارهم : { إن وليّي } أي ناصري ومتولي جميع أموري { الله } أي الجامع لصفات الكمال { الذي نزل } أي بحسب التدريج متكفلاً بفصل الوقائع { الكتاب } أي الجامع لعلوم الأولين والآخرين وأمر المعاش والمعاد وأحوال الدارين وكل ما فيه صلاح من أحوال القلوب وغيرها الذي عجزتم بأجمعكم ومن دعيتم شركته عن معارضة شيء منه .

ولما تكفل هذا التنزيل بجميع الصفات ، وهي الحياة التامة المستلزمة للإرادة والقدرة والعلم والسمع والبصر والكلام ، وكان عجزهم عن المعارضة للكتاب دليلاً{[34365]} شهودياً قولياً على كذبهم ، أتبع ذلك دليلاً آخر شهودياً فعلياً فقال : { وهو } أي وحده { يتولى } أي يلي ولاية تامه { الصالحين* } أي كلهم بنصرهم على كل مناو وكفايتهم لكل مهم وقد علمتم ما قدمه في هذه السورة من وقائعه بمن كذب أنبياءه واستهزأ برسله وأنه أنجى كل من والاه{[34366]} ، وأهلك جميع من عاداه كمن عدوهم آلهة ، وهو وما بعده وما قبله متلفت إلى قوله تعالى{ اتبعوا ما أنزل إليكم ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء }[ الأعراف : 3 ] بالشرح{[34367]} ، وهو دال على أنه الذي فعل ما تقدم لأجل أوليائه بدليل أنه أعجزهم عن معارضة شيء من كتابه ، وعن{[34368]} الوصول إلى جميع ما يريدون{[34369]} من أوليائه وأحبابه .


[34365]:- من ظ، وفي الأصل: دليل.
[34366]:- من ظ، وفي الأصل: ولاه.
[34367]:- في ظ: بالشرع.
[34368]:- من ظ، وفي الأصل: من.
[34369]:- من ظ، وفي الأصل: يرون.