المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ} (3)

و «المقت » : البغض من أجل ذنب أو ريبة أو دناءة يصنعها الممقوت ، وهذا حد المقت فتأمله ، و { مقتاً } نصب على التمييز ، والتقدير { كبر } فعلكم { مقتاً } ، والمراد كبر مقت فعلكم فحذف المضاف إليه ونصب المضاف على التمييز ، وهذا كما تريد تفقأ شحم بطنك فتقول : تفقأ بطنك شحماً ، و { أن تقولوا } ، يحتمل أن يكون بدلاً من المقدر ، ويحتمل أن يكون فاعلاً ب { كبر } ، وقول المرء ما لا يفعل موجب مقت الله تعالى ، ولذلك فر كثير من العلماء عن الوعظ والتذكير وآثروا السكوت .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ} (3)

وجملة { كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } بيان لجملة { لم تقولون ما لا تفعلون } تصريحاً بالمعنى المكنَّى عنه بها .

وهو خبر عن كون قولهم : { ما لا تفعلون } أمراً كبيراً في جنس المقت .

والكِبَر : مستعار للشدة لأن الكبير فيه كثرة وشدة في نوعه .

و { أن تقولوا } فاعل { كبر } .

والمقت : البغض الشديد . وهو هنا بمعنى اسم المفعول .

وانتصب { مقتاً } على التمييز لِجهة الكبر . وهو تمييز نسبة .

والتقدير : كبر ممقوتاً قَولُكم ما لا تفعلونه .

ونُظِم هذا الكلام بطريقة الإِجمال ثم التفصيل بالتمييز لتهويل هذا الأمر في قلوب السامعين لكون الكثير منهم بمِظنة التهاون في الحيطة منه حتى وقعوا فيما وقعوا يوم أُحد . ففيه وعيد على تجدد مثله ، وزيد المقصود اهتماماً بأن وصف المقت بأنه عند الله ، أي مقتٌ لا تسامح فيه .

وعدل عن جعل فاعل { كبر } ضمير القول بأن يقتصر على { كبر مقتاً عند الله } أو يقال : كبر ذلك مقتاً ، لقصد زيادة التهويل بإعادة لفظه ، ولإِفادة التأكيد .

و { مَا } في قوله : { ما لا تفعلون } في الموضعين موصولة ، وهي بمعنى لام العهد ، أي الفعل الذي وَعدتم أن تفعلوه وهو أحبّ الأعمال إلى الله أو الجهادُ . 4 فاقتضت الآية أن الوعد في مثل هذا يجب الوفاء به لأن الموعود به طاعة فالوعد به من قبيل النذر المقصودِ منه القُربة فيجب الوفاء به .