الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ} (3)

وقوله : { أن تقولوا ما لا تفعلون } [ 3 ] " أن " {[68342]} في موضع رفع بالابتداء ، كما تقول نعم رجلا زيدا وفي موضع رفع على إضمار مبتدأ{[68343]} .

فالمعنى : لم تقولون/ قولا ولا تصدقوه{[68344]} بالفعل ، عظم المقت عند الله مقتا قولكما لا تفعلون .

وعن ابن عباس : أن ناسا من المؤمنين كانوا يقولون قبل فرض الجهاد لوددنا أن الله دلنا على أحب{[68345]} الأعمال إليه فنعمل به ، فأخبر الله عز وجل{[68346]} نبيه صلى الله عليه وسلم{[68347]} أن أحب الأعمال إليه . إيمان بالله لا شك فيه ، وجهاد أهل معصيته الذين لم يقروا به ، فلما نزل الجهاد ، كره ذلك ناس من المسلمين وشق عليهم أمره ، فأنزل الله عز وجل{[68348]} هذه الآية{[68349]} .

وقال أبو صالح : قالوا{[68350]} لو كنا نعلم أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل{[68351]} وأفضل ، فنزلت : [ { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم } إلى آخر السورة ، فكرهوا فنزلت : {[68352]} ] { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون }{[68353]} .

وقال مجاهد : نزلت في نفر من الأنصار منهم عبد الله بن رواحة{[68354]} ، قالوا : في مجلس لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل{[68355]} لعملناها حتى نموت ، فأنزل الله عز وجل{[68356]} فيهم هذا ، فقال عبد الله بن رواحة : لا أبرح حبيسا في سبيل الله عز وجل{[68357]} حتى أموت فقتل شهيدا رحمه الله{[68358]} .

وقال قتادة : بلغني أنها نزلت في الجهاد ، كان{[68359]} الرجل يقول : قاتلت وفعلت ولم يكن فعل ، فوعظهم الله عز وجل{[68360]} في ذلك أشد موعظة ، وهو قول الضحاك{[68361]} .

وقال ابن زيد : نزلت في قوم من المنافقين كانوا يعدون المؤمنين النصر وهم كاذبون . فيكون التقدير على هذا القول : يا أيها الذين حكم لهم بحكم الإيمان{[68362]} .


[68342]:ع: "أي".
[68343]:انظر: مشكل الإعراب 730، وإعراب النحاس 4/419 وتفسير القرطبي 18/81 والبحر المحيط 8/261.
[68344]:ع، ج: "تصدقونه".
[68345]:ع: "حب".
[68346]:ساقط من ع، ج.
[68347]:ساقط من ع، ج.
[68348]:ساقط من ع.
[68349]:انظر: جامع البيان 28/55 وأسباب النزول 319، وابن كثير 4/159.
[68350]:ع، ج: "وقالوا".
[68351]:ساقط من ع، ج.
[68352]:ساقط من ح.
[68353]:انظر: جامع البيان 28/55.
[68354]:عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري من الخزرج، أبو محمد: صحابي يعد من الأمراء والشعراء الرجزين، شهد العقبة مع السبعين من الأنصار وشهد بدرا وأحدا والخندق، روى عنه ابن عباس وأسامة بن زيد وأنس بن مالك، وقد أرسل عنه من التابعين عكرمة وعطاء بن يسار. انظر: طبقات ابن سعد 3/216، وحلية الأولياء 1/118، وصفة الصفوة 1/483. والإصابة 2/306 وتهذيب التهذيب 5/212.
[68355]:ساقط من ع، ج.
[68356]:ساقط من ع، ج.
[68357]:ساقط من ع، ج.
[68358]:انظر: جامع البيان 28/55 وتفسير مجاهد 658 وأحكام ابن العربي 4/1800 وابن كثير 4/359 والدر المنثور 8/146.
[68359]:ح: "وكان".
[68360]:ساقط من ع، ج.
[68361]:انظر: جامع البيان 28/55، وتفسير القرطبي 18/78، وابن كثير 4/359.
[68362]:انظر: تفسير القرطبي 18/78، وابن كثير 4/359.