{ مقتا } منكرا شديدا بغيضا ، وكراهية من أجل ذنب أو ريبة أو دناءة .
{ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ( 2 ) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ( 3 ) إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ( 4 ) } .
ينادي الله تعالى من انتسبوا إلى الإيمان ليظلوا ويثبتوا على القول الطيب والعمل به ؛ أو يكون النداء للمؤمنين ويراد به إسماع أدعياء الإيمان من المنافقين الذين قالوا آمنا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم ، كالذين عجبنا القرآن من شأنهم ، فهم يتعجلون القتال ، ويتلهفون على شهوده والمشاركة فيه ، فإذا جاء حينه ودعوا إلى الوفاء بما عاهدوا عليه وتمنوه فروا ! . يقول ربنا تبارك اسمه- : { ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين }{[6697]} ؛ كما يقول- عز وجل- : { ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال . . . }{[6698]} و { لم } مكونة من [ ما ] الاستفهامية ؛ ولام الجر ؛ مما يقول النحاة : - وحذفت الألف من [ ما ] الاستفهامية للفرق بينها وبين الإخبارية . فكأن المعنى- والله تعالى أعلم بالمراد- لماذا قلتم ووعدتم ثم لم تعملوا ما قلتموه وأخلفتم ؟ - [ لأي شيء تقولون ما لا تفعلونه من الخير والمعروف ؟ ] على أن مدار التوبيخ في الحقيقة عدم فعلهم ، وإنما وجه إلى قولهم تنبيها على تضاعف معصيتهم ببيان أن المنكر ليس ترك الخير الموعود فقط بل الوعد أيضا ، وقد كانوا يحسبونه معروفا ، ولو قيل : لم لا تفعلون ما تقولون لفهم منه أن المنكر هو ترك الموعود{[6699]} . عظم بغض الله تعالى واشتد مقته على الذين يعدون ولا يوفون{[6700]} ؛ إن الله المولى المعبود يحب من اقتل في سبيل إعلاء كلمته وصيانة حرماته ودعوته ، وكان من إخوته المجاهدين في صف{[6701]} محكم لا خلل فيه ولا فرجة ، وإنما هو صف متماسك متلائم ، مستو مترابط ، حتى كأنه قطعة واحدة ، وثبت فلم يتراجع ولم يول الدبر ؛ مما نقل القرطبي : قال النخعي : ثلاث آيات منعتني أن أقص على الناس : { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم }{[6702]} ، { . . وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه . . . }{[6703]} ، { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } اه .
وعن الكسائي : { أن } في موضع رفع- يريد { أن } وما دخلت عليه في تأويل مصدر في محل رفع- لأن { كبر } فعل بمنزلة [ بئس ] ؛ و{ مقتا } نصب بالتمييز ؛ المعنى : كبر قولهم ما لا يفعلون مقتا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.