الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ} (3)

قصد في { كَبُرَ } التعجب من غير لفظه كقوله :

غَلَتْ نَابٌ كُلَيْبٌ بَوَاءُهَا ***

ومعنى التعجب : تعظيم الأمر في قلوب السامعين ؛ لأن التعجب لا يكون إلا من شيء خارج عن نظائره وأشكاله ، وأسند إلى أن تقولوا . ونصب { مَقْتاً } على تفسيره ، دلالة على أنّ قولهم ما لا يفعلون مقت خالص لا شوب فيه ، لفرط تمكن المقت منه ؛ واختير لفظ المقت لأنه أشد البغض وأبلغه . ومنه قيل : نكاح المقت ، للعقد على الرابة ، ولم يقتصر على أن جعل البغض كبيراً ، حتى جعل أشده وأفحشه . و { عَندَ الله } أبلغ من ذلك ، لأنه إذا ثبت كبر مقته عند الله فقد تم كبره وشدته وانزاحت عنه الشكوك . وعن بعض السلف أنه قيل له : حدّثنا ، فسكت ثم قيل له حدثنا ؛ فقال : تأمرونني أن أقول ما لا أفعل فأستعجل مقت الله .