قوله : { كَبُرَ مَقْتَاً } . فيه أوجه{[56392]} :
أحدها : أن يكون من باب : «نعم وبئس » ، فيكون في «كَبُر » ضمير مبهم مفسر بالنكرة بعده ، و«أن تقُولُوا » هو المخصوص بالذم ، فيجيء فيه الخلاف المشهور : هل رفعه بالابتداء وخبره الجملة مقدمه عليه ؟ أو خبره محذوف ، أو هو خبر مبتدأ محذوف ، كما تقدم تحريره ؟ .
وهذه قاعدة مطردة : كل فعل يجوز التعجّب منه ، يجوز أن يبنى على «فَعُل » - بضم العين - ويجري مجرى «نعم وبئس » في جميع الأحكام .
والثاني : أنه من أمثلة التعجّب .
وقد عده ابن عصفور في «التعجب » المبوَّب له في النحو ، فقال : «صيغة : ما أفْعَلَهُ ، وأفْعِلْ به ، ولَفَعُل ، نحو : لرمُو الرجل » .
وإليه نحا الزمخشري{[56393]} فقال : هذا من أفصح كلام وأبلغه في معناه ، قصد في «كَبُر » : التعجب من غير لفظه ؛ كقوله : [ الطويل ]
4762 - . . . *** غَلَتْ نَابٌ كُلَيْبٌ بَواؤهَا{[56394]}
ثم قال : وأسند إلى : «أن تقولوا » ، ونصب : «مقتاً » ، على تفسيره ، دلالة على أن قوله : { مَا لاَ تَفْعَلُون } : مقت خالص لا شوب فيه .
الثالث : أنَّ «كَبُرَ » ليس للتعجب ولا للذم ، بل هو مسند إلى «أن تقولوا » و«مقتاً » : تمييز محول من الفاعلية والأصل : كبر مقتاً أن تقولوا أي : مقت قولكم .
ويجوز أن يكون الفاعل مضمراً عائداً على المصدر المفهوم من قوله : «لِمَ تَقُولُونَ » أي : «كبر أي القول مقتاً » ، و«أن تقولوا » على هذا إما بدل من ذلك الضمير ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو أن تقولوا{[56395]} .
قال القرطبي : و«مقتاً » نصب بالتمييز ، المعنى : كبر قولهم ما لا تفعلون مقتاً .
وقيل : هو حال ، والمقت والمقاتة : مصدران ، يقال : رجل مقيت وممقوت إذا لم يحبّه الناس{[56396]} .
قال القرطبيُّ : قد يحتجّ بهذه الآية في وجوب الوفاء في اللجاج والغضب على أحد قولي الشافعي{[56397]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.