المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقۡضَىٰ عَلَيۡهِمۡ فَيَمُوتُواْ وَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُم مِّنۡ عَذَابِهَاۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي كُلَّ كَفُورٖ} (36)

ثم أخبر عن حال { الذين كفروا } معادلاً بذلك الإخبار قبل عن الذين اصطفى ، وهذا يؤيد تأويل من قبل إن الأصناف الثلاثة هي كلها في الجنة لأن ذكر الكافرين إنما جاء ها هنا ، وقوله { لا يقضى } معناه لا يجهز لأنهم لو ماتوا لبطلت حواسهم فاستراحوا ، وقرأ الحسن البصري والثقفي «فيموتون » ووجهها العطف على { يقضى } وهي قراءة ضعيفة{[9738]} .

وقوله { لا يخفف عنهم من عذابها } لا يعارضه قوله { كلما خبت زدناهم سعيراً }{[9739]} [ الإسراء : 97 ] لأن المعنى لا يخفف عنهم نوع عذابهم والنوع في نفسه يدخله أن يخبو أو يسعر ونحو ذلك ، وقرأ جمهور القراء ، «نجزي » بنصب «كلَّ » وبالنون في «نجزي » ، وقرأ أبو عمرو ونافع «يُجزى » بضم الياء على بناء الفعل للمفعول «كلُّ كفور » برفع «كلُّ » .


[9738]:أما قراءة الجمهور(فيموتوا) فهي بحذف النون نصبا في جواب النفي في قوله سبحانه:{لا يقضى عليهم}، وهو على أحد معنيي النصب، فالمعنى: انتفى القضاء عليهم فانتفى المسبب عنه، أي: لا يقضى عليهم ولا يموتون، كقولك: ما تأتينا فتحدثنا، أي: ما يكون حديث، انتفى الإتيان فانتفى الحديث، ولا يصح أن يكون النصب على المعنى الثاني للنصب، أي: ما تأتينا محدثا، إنما تأتي ولا تحدث، وكذلك في الآية ليس المعنى: لا يقضى عليهم ميتين، إنما يقضى عليهم ولا يموتون.(راجع البحر المحيط).
[9739]:من الآية (97) من سورة(الإسراء).