الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقۡضَىٰ عَلَيۡهِمۡ فَيَمُوتُواْ وَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُم مِّنۡ عَذَابِهَاۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي كُلَّ كَفُورٖ} (36)

قوله : { فَيَمُوتُواْ } : العامَّةُ على نصبِه بحذفِ النونِ جواباً للنفي . وهو على أحدِ معنَييْ نَصْبِ " ما تأتينا فتحدِّثَنا " ، أي : ما يكون منك إتيانٌ فلا حديثٌ ، انتفى السببُ وهو الإِتيانُ ، فانتفى مُسَبَّبُه وهو الحديثُ . والمعنى الثاني : إثباتُ الإِتيانِ ونفيُ الحديثِ أي : ما تأتينا محدِّثاً بل تأتينا غيرَ مُحَدِّثٍ . وهذا لا يجوزُ في الآيةِ البتةَ .

وقرأ عيسى والحسن " فيموتون " بإثباتِ النونِ . قال ابنُ عطية : " هي ضعيفةٌ " . قلت : وقد وَجَّهها المازنيُّ على العطفِ على { لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ } فلا يموتون . وهو أحدُ الوجهين في معنى الرفعِ في قولك : " ما تأتينا فتحدِّثنا " أي : انتفاءُ الأمرَيْن معاً ، كقولِه : { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ }

[ المرسلات : 36 ] ، أي : فلا يعتذرون . و " عليهم " قائمٌ مقامَ الفاعلِ ، وكذلك " عنهم " بعد " يُخَفَّفُ " . ويجوزُ أَنْ يكونَ القائمُ " من عذابها " و " عنهم " منصوبُ المحلِّ . ويجوز أَنْ تكونَ " مِنْ " مزيدةً عند الأخفش ، فَتَعيَّن لقيامِه مَقامَ الفاعلِ لأنه هو المفعولُ به .

وقرأ أبو عمرٍو في رواية " ولا يُخَفَّفْ " بسكون الفاء ، شبَّه المنفصل بِ " عَضْد " كقوله :

3769 فاليومَ أشْرَبْ غيرَ مُسْتَحْقِبٍ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قوله : " كذلك " إمَّا مرفوعُ المحل أي : الأمرُ كذلك ، وإمَّا منصوبُه أي : مثلَ ذلك الجزاءِ نَجْزي . وقرأ أبو عمرٍو " يُجْزَى " مبنيَّاً للمفعول ، " كلُّ " رفعٌ به . والباقون " نَجْزي " بنونِ العظمة مبنيَّاً للفاعل ، " كلَّ " مفعول به .