فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقۡضَىٰ عَلَيۡهِمۡ فَيَمُوتُواْ وَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُم مِّنۡ عَذَابِهَاۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي كُلَّ كَفُورٖ} (36)

ثم لما فرغ سبحانه من ذكر جزاء عباده الصالحين ، ذكر جزاء عباده الطالحين ، فقال : { والذين كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ } أي لا يقضي عليهم بالموت ، فيموتوا ، ويستريحوا من العذاب { وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مّنْ عَذَابِهَا } بل { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بدلناهم جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ العذاب } [ النساء : 56 ] وهذه الآية هي مثل قوله سبحانه : { لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى } [ الأعلى : 13 ] . قرأ الجمهور : { فيموتوا } بالنصب جواباً للنفي ، وقرأ عيسى بن عمر ، والحسن بإثبات النون . قال المازني : على العطف على { يقضى } . وقال ابن عطية : هي قراءة ضعيفة ، ولا وجه لهذا التضعيف بل هي كقوله : { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [ المرسلات : 36 ] . { كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ } أي مثل ذلك الجزاء الفظيع نجزي كل من هو مبالغ في الكفر ، وقرأ أبو عمرو : { نجزي } على البناء للمفعول .