البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقۡضَىٰ عَلَيۡهِمۡ فَيَمُوتُواْ وَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُم مِّنۡ عَذَابِهَاۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي كُلَّ كَفُورٖ} (36)

لما ذكر حال المؤمنين ومقرهم ، ذكر حال الكافرين ، وهذا يدل على أن أولئك الثلاثة هم في الجنة ، { والذين كفروا } هم مقابلوهم ، { لا يقضي عليهم } : أي لا يجهز عليهم فيموتوا ، لأنهم إذا ماتوا بطلت حواسهم فاستراحوا .

وقرأ الجمهور : { فيموتوا } ، بحذف النون منصوباً في جواب النفي ، وهو على أحد معنيي النصب ؛ فالمعنى انتفى القضاء عليهم ، فانتفى مسببه ، أي لا يقضى عليهم ولا يموتون ، كقولك : ما تأتينا فتحدثنا ، أي ما يكون حديث ، انتفى الإتيان ، فانتفى الحديث .

ولا يصح أن يكون على المعنى الثاني من معنى النصب ، لأن المعنى : ما تأتينا محدثاً ، إنما تأتي ولا تحدث ، وليس المعنى هنا : لا يقضى عليهم ميتين ، إنما يقضى عليهم ولا يموتون .

وقرأ عيسى ، والحسن : فيموتون ، بالنون ، وجهها أن تكون معطوفة على لا يقضى .

وقال ابن عطية : وهي قراءة ضعيفة . انتهى .

وقال أبو عثمان المازين : هو عطف ، أي فلا يموتون ، لقوله : { ولا يؤذن لهم فيعتذرون } أي فلا يعتذرون ولا يخفف عنهم نوع عذابهم .

والنوع في نفسه يدخله أن يحيوا ويسعدوا .

قال ابن عطية : وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو : ولا يخفف بإسكان الفاء شبه المنفصل بالمتصل ، كقوله :

فاليوم أشرب غير مستحقب . . .

وقرأ الجمهور : { نجزي كل } ، مبنياً للفاعل ، ونصب كل ؛ وأبو عمرو ، وأبو حاتم عن نافع : بالياء مبنياً للمفعول ، كل بالرفع .