المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَقَطَّعۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَمٗاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَٰهُم بِٱلۡحَسَنَٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (168)

{ وقطعناهم } معناه فرقناهم في الأرض ، قال الطبري عن جماعة من المفسرين : ما في الأرض بقعة إلا وفيها معشر من اليهود ، والظاهر في المشار إليهم في هذه الآية أنهم الذين بعد سليمان وقت زوال ملكهم ، والظاهر أنه قبل مدة عيسى عليه السلام لأنه لم يكن فيهم صالح بعد كفرهم بعيسى صلى الله عليه وسلم ، وفي التواريخ في هذا الفصل روايات مضطربة ، و { الصالحون } و { دون ذلك } ألفاظ محتملة أن يدعها صلاح الإيمان ف { دون } بمعنى غير يراد بها الكفرة ، وإن أريد بالصلاح العبادة والخير وتوابع الإيمان ف { دون ذلك } يحتمل أن يكون في مؤمنين ، و { بلوناهم } معناه امتحناهم ، و { الحسنات } الصحة والرخاء ونحو هذا مما هو بحسب رأي ابن آدم ونظره ، و { السيئات } مقابلات هذه ، وقوله : { لعلهم } أي بحسب رأيكم لو شاهدتم ذلك ، والمعنى لعلهم يرجعون إلى الطاعة ويتوبون من المعصية .