لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَقَطَّعۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَمٗاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَٰهُم بِٱلۡحَسَنَٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (168)

قوله تعالى : { وقطعناهم في الأرض أمماً } يعني وفرقنا بني إسرائيل في الأرض جماعات متفرقة فلا تجد بلداً وفيه من اليهود طائفة وجماعة ، قال ابن عباس : كل أرض يدخلها قوم من اليهود { منهم الصالحون } يعني من هؤلاء الذين وصفهم الله من بني إسرائيل صالحون وهم من آمن بالله ورسوله وثبت منهم على دينه قبل مبعث عيسى عليه الصلاة والسلام وإنما وصفهم بذلك قبل ارتدادهم عن دينهم وكفرهم بربهم ذكره الطبري ولم يذكر غيره ، وروى البغوي وغيره من المفسرين عن ابن عباس ومجاهد : إن المراد بالصالحين الذين أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود وآمنوا به والصحيح ما ذكره الطبري يدل عليه قوله بعد فخلف من بعدهم خلف من بعدهم خلف والخلف إنما كان بعد هؤلاء الذين وصفهم بالصلاح من بني إسرائيل .

وقوله تعالى : { ومنهم دون ذلك } يعني الذين كفروا من بني إسرائيل وبدلوا وغيروا { وبلوناهم } يعني جميعاً الصالح وغيره وهي بلوى اختبار وامتحان { بالحسنات } يعني الخصب والعافية { والسيئات } يعني الجدب والشدة { لعلهم يرجعون } يعني لكي يرجعوا إلى طاعة ربهم ويتوبوا إليه . قال أهل المعاني : كل واحدة من الحسنات والسيئات إذا فسرت بالنعم والشدة تدعو إلى طاعة الله تعالى أما النعمة فيزداد عليها شكراً فيرغب في الطاعة وأما الشدة فيخاف سوء عاقبتها فيرهب منها .