فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَطَّعۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَمٗاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَٰهُم بِٱلۡحَسَنَٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (168)

{ وقطعناهم في الأرض أمما } أي فرقناهم في جوانبها أو شتتنا أمرهم فلم تجتمع لهم كلمة ، قال ابن عباس : هم اليهود بسطهم الله في الأرض فليس فيها بقعة إلا وفيها عصابة منهم وطائفة ، وقيل المعنى وجعلنا كل فرقة منهم في قطر بحيث لا تخلو ناحية من الأرض منهم حتى لا تكون لهم شوكة ، قاله أبو السعود فلا توجد بلدة كلها يهود ، ولا لهم قلعة ولا سلطان بل هم متفرقون في كل الأماكن .

{ منهم الصالحون } قيل : هم الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن مات قبل البعثة المحمدية غير مبدل ، قال الطبري : وصفهم بذلك قبل ارتدادهم عن دينهم وكفرهم بربهم ويدل له قوله الآتي : فخلف من بعدهم خلف ، وقيل : هم الذين سكنوا وراء الصين ولا يصح كما تقدم بيانه .

{ ومنهم دون ذلك } أي دون هذا الوصف الذي اتصفت به الطائفة الأولى وهو الصالح والتقدير : ومنهم أناس أو قوم دون ذلك والمراد بهؤلاء من لم يؤمن بل انهمك في المخالفة لما أمره الله به .

{ وبلوناهم بالحسنات والسيئات } أي امتحناهم جميعا الصالح وغيره بالخير والشر ، قال ابن عباس : الحسنات : الرخاء والعافية ، والسيئات : البلاء والعقوبة أو الخصب والجدب { لعلهم يرجعون } أي رجاء أن يرجعوا عما هم فيه من الكفر والمعاصي .