ذكر شيء مما هددوا به في التوراة على العصيان والبغي والعدوان غير ما تقدم في المائدة عند { من لعنه الله وغضب عليه }{[33869]} وغيرها من الآيات - قال في السفر الخامس : وإن {[33870]}لم تحفظ وتعمل{[33871]} بجميع الوصايا والسنن التي{[33872]} كتبت في هذا الكتاب وتتق الله ربك وتهب{[33873]} اسمه المحمود المرهوب ، يخصك الرب بضربات موجعة ويبتليك بها ، ويبتلي نسلك من بعدك وتدوم{[33874]} عليك ، ويبقى من نسلك عدد قليل من بعد كثرتهم التي كانت قد صارت مثل نجوم السماء ، وتجلون عن الأرض التي{[33875]} تدخلونها لترثوها ، ويفرقكم الرب بين الشعوب ، وتعبدون هنالك الآلهة الأخرى{[33876]} التي عملت من الحجارة والخشب ، ولا تسكنون أيضاً بين تلك الشعوب ، ولكن يصير الله قلوبكم هناك فزعة مرتجفة بالغداة{[33877]} تقولون : متى نمسي ؟ وبالعشيّ تقولون : متى نصبح ؟ وذلك من فزع قلوبكم وخوفكم وقلة حيلتكم ، ويردكم الله إلى أرض مصر في ألوف في الطريق الذي قال الرب : لا تعودوا{[33878]} أن تروه ، وتباعون هناك عبيداً{[33879]} وإماء ، ولا يكون من يشتريكم - هذه أقوال العهد{[33880]} التي أمر الله بها موسى أن يعاهد بني إسرائيل في أرض موآب سوى العهد{[33881]} الذي عاهدهم بحوريب ؛ ثم دعا موسى جميع بني إسرائيل وقال لهم : قد رأيتم ما صنع الله بأرض مصر بفرعون وجميع عبيده وكل شعبه{[33882]} والبلايا العظيمة التي رأت أعينكم والآيات والأعاجيب التي شهدتموها ، ولم يعطكم الرب قلوباً تفهم وتعلم ، ولا أعيناً تبصر ولا آذاناً تسمع إلى يومنا هذا ، ودبركم في البرية أربعين سنة ، لم تبل ثيابكم عليكم ولم تخلق خفافكم أيضاً ولم تأكلوا خبزاً ، لتعلموا أني أنا الله ربكم ، وأنا الذي أتيت بكم إلى هذه البلاد ، فاحفظوا وصايا هذه التوراة واعملوا بها وأتموا جميع الأعمال في طاعة الله وأكملوها ، لأنكم قد عرفتم جميعاً أن كنا سكاناً بأرض مصر وجزنا بين الشعوب ، ورأيتم نجاستهم وأصنامهم ، لعل فيكم اليوم رجلاً أو امرأة أو قبيلة أو سبطاً يميل قلبه عن{[33883]} عبادة الله ربنا ويطلب عبادة آلهة{[33884]} تلك الشعوب ، فيسمع أقوال هذا العهد فيقول : يكون لي{[33885]} السلام فأتبع مسرة قلبي ، هذا لا يريد الرب أن يغفر له ، ولكن هناك يشتد غضب الرب وزجره عليه وينزل به{[33886]} كل اللعن الذي في هذا الكتاب ، ويستأصل الرب اسمه من تحت السماء ويفرزه الرب من جميع أسباط بني إسرائيل للشر والبلايا ويقول الحقب الآخر بنوكم الذين يقومون من بعدكم والغرباء ، وينظرون إلى ضربات تلك الأرض والأوجاع أنزل الله بها ويقول الشعب{[33887]} : لماذا صنع الرب هكذا ؟ ولماذا{[33888]} اشتد غضبه على هذا الشعب العظيم ؟ ويقولون : لأنهم تركوا عهد الله إله آبائهم ، فاشتد غضب الرب على هذه الأمة وأمر أن ينزل بها كل اللعن الذي كتب في هذا الكتاب ، ويجليهم الرب عن بلادهم بغضب وزجر شديد ويبعدهم إلى أرض غريبة كما ترى{[33889]} اليوم ، فأما الخفايا والسرائر فهي لله ربنا ، والأمور الظاهرة المكشوفة هي لنا .
ولما أخبر سبحانه بالتأذن ، كان كأنه قيل : فأسرعنا في عقابهم بذنوبهم وبعثنا عليهم من سامهم سوء العذاب بالقتل والسبي ، فعطف عليه قوله : { وقطعناهم } أي بسبب ما حصل لهم من السبي المترتب على العذاب بما لنا من العظمة تقطيعاً كثيراً بأن أكثرناًُ تفريقهم{[33890]} { في الأرض } حال كونهم { أمماً } يتبع بعضهم بعضاً ، فصار في كل بلدة قليل منهم ليست{[33891]} لهم شوكة ولا يدفعون عن أنفسهم ظلماً .
ولما كان كأنه قيل : فهل أطبقوا بعد{[33892]} هذا العذاب على الخير ؟ قيل :لا ، بل فرقتهم الأديان نحو فرقة{[33893]} الأبدان { منهم الصالحون } أي الذين{[33894]} ثبتوا على دينهم إلى أن جاء الناسخ له فتبعوه امتثالاً لدعوة كتابهم { ومنهم دون ذلك } أي بالفسق تارة وبالكفر أخرى { وبلوناهم } أي عاملناهم معاملة المبتلى ليظهر للناس ما نحن به منهم عالمون { بالحسنات } أي النعم { والسيئات } أي النقم { لعلهم يرجعون* } أي ليكون حالهم حال من يرجى رجوعه عن غيه رغبة أو رهبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.