تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَقَطَّعۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَمٗاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَٰهُم بِٱلۡحَسَنَٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (168)

{ 168 – وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك . . . } الآية .

توعدهم الله تعالى في الآية السابقة أن يسلط عليهم إلى يوم القيامة – من يسومهم سوء العذاب .

وفي هذه الآية ذكر الحق سبحانه العقاب الثاني : وهو تفريقهم وتمزيقهم جماعات وطوائف وفرقا في أنحاء الأرض ، فلا يكاد يخلو منهم قطر من الأقطار ، فيهم الصالح وغير الصالح .

فالصالحون المحسنون منهم هم الذين آمنوا بموسى عليه السلام ، وآمنوا بالأنبياء بعد موسى وآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وآثروا الآخرة على الدنيا ، مثل أولئك الذين نهوا عن الاعتداء عن السبت ، ومثل عبد الله بن سلام وأصحابه الذين أسلموا .

ومنهم من هو دون ذلك في الصلاح ، ومنهم الفسقة الفجرة الذين كانوا يقتلون الأنبياء بغير حق ، ومنهم السمّاعون للكذب الأكالون للحست ، كالرشا والربا لتبديل أحكام الله ، والقضاء بغير ما أنزل الله ، وفي الجملة : معنى : ومنهم دون ذلك . أي : منحطون عن الصلاح ، وهم كفرتهم وفسقتهم .

{ وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون } .

أي : وامتحناهم بالنعم المختلفة من مال وخصب وعافية وولد وغير ذلك من الحسنات .

كما امتحناهم بالمحن المتنوعة من الجدب والتشريد ، والقتل والأسر ، وغير ذلك من السيئات التي تسوءهم .

لعلهم يرجعون إلى طاعة ربهم ، ويتوبون عن فعل السيئات ، وينتقلون إلى فعل الحسنات .