قوله تعالى : { ومن قبله } أي : ومن قبل القرآن ، { كتاب موسى } يعني التوراة ، { إماماً } يقتدى به ، { ورحمةً } من الله لمن آمن به ، ونصبا على الحال عن الكسائي ، وقال عبيدة : فيه إضمار ، أي جعلناه إماماً ورحمة ، وفي الكلام محذوف ، تقديره : وتقدمه كتاب موسى إماماً ولم يهتدوا به ، كما قال في الآية الأولى : { وإذ لم يهتدوا به } { وهذا كتاب مصدق } أي : القرآن مصدق للكتب التي قبله ، { لساناً عربياً } نصب على الحال ، وقيل بلسان عربي ، { لينذر الذين ظلموا } يعني مشركي مكة ، قرأ أهل الحجاز والشام ويعقوب : ( لتنذر ) بالتاء على خطاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقرأ الآخرون : بالياء يعني الكتاب ، { وبشرى للمحسنين } و( بشرى ) في محل الرفع ، أي هذا كتاب مصدق وبشرى . { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون } .
أتبع إبطال ترّهاتهِمْ الطاعنة في القرآن بهذا الكلام المفيد زيادة الإبطال لمزاعمهم بالتذكير بنظير القرآن ومثيل له من كتب الله تعالى هو مشهور عندهم وهو « التوراة » مع التنويه بالقرآن ومزيته والنعي عليهم إذ حرموا أنفسهم الانتفاع بها ، فعطفت هذه الآية على التي قبلها لارتباطها بها في إبطال مزاعمهم وفي أنها ناظرة إلى قوله : { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } [ الأحقاف : 10 ] كما تقدم .
ففي قوله : { ومن قبله كتاب موسى } إبطال لإحالتهم أن يُوحي الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم بأن الوحي سُنّة إلهاية سابقة معلومة أشهره « كتاب موسى » ، أي « التوراة » وهم قد بلغتهم نبوءته من اليهود . وضمير { من قبله } عائد إلى القرآن . وتقديم { من قبله } للاهتمام بهذا الخبر لأنه محل القصد من الجملة .
وعبر عن « التّوراة » ب { كتاب موسى } بطريق الإضافة دون الاسم العلم وهو « التوراة » لما تؤذن به الإضافة إلى اسم موسى من التذكير بأنه كتاب أنزل على بشر كما أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم تلميحاً إلى مثار نتيجة قياس القرآن على « كتاب موسى » بالمشابهة في جميع الأحوال .
و { إماماً ورحمة } حالان من { كتاب موسى } ، ويجوز كونهما حالين من { موسى } والمعنيان متلازمان .
والإمام : حقيقته الشيء الذي يجعله العامل مقياساً لعمل شيء آخر ويطلق إطلاقاً شائعاً على القدوة قال تعالى : { واجعلنا للمتقين إماماً } [ الفرقان : 74 ] . وأصل هذا الإطلاق استعارة صارت بمنزلة الحقيقة ، واستعير الإمام لكتاب موسى لأنه يرشد إلى ما يجب عمله فهو كمن يرشد ويعظ ، وموسى إمام أيضاً بمعنى القدوة .
والرحمة : اسم مصدر لِصفة الراحم وهي من صفات الإنسان فهي ، رقة في النفس تبعث على سَوق الخير لمن تتعدى إليه . ووصف الكتاب بها استعارة لكونه سبباً في نفع المتبعين لما تضمنه من أسباب الخير في الدنيا والآخرة .
ووصف الكتاب بالمصدر مبالغة في الاستعارة ، وموسى أيضاً رحمة لرسالته كما وصف محمد صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } [ الأنبياء : 107 ] .
وقوله : { وهذا كتاب مصدق } الخ هو المقيس على { كتاب موسى } . والإشارة إلى القرآن لأنه حَاضر بالذِكر فهو كالحاضر بالذات .
والمصدِّق : المخبر بصدق غيره . وحذف مفعول المصدِّق ليشمل جميع الكتب السماوية ، قال تعالى : { مصدقا لما بين يديه } ، أي مخبر بأحقيّة كل المقاصد التي جاءت بها الكتب السماوية السالفة . وهذا ثناء عظيم على القرآن بأنه احتوى على كل ما في الكتب السماوية وجاء مغنياً عنها ومبيناً لما فيها . والتصديق يشعر بأنه حاكم على ما اختُلف فيه منها . وما حُرّف فهمه بها قال تعالى : { مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه } [ المائدة : 48 ] .
وزاده ثناء بكونه { لساناً عربياً } ، أي لغة عربيّة فإنها أفصح اللغات وأنفذها في نفوس السامعين وأحب اللغات للناس ، فإنها أشرف وأبلغ وأفصح من اللغة التي جاء بها كتاب موسى ، ومن اللغة التي تكلّم بها عيسى ودوّنها أتباعُه أصحاب الأناجيل .
وأدمج لفظ { لسانا } للدلالة على أن المراد بعربيته عربية ألفاظه لا عربيّة أخلاقه وتعاليمه لأن أخلاق العرب يومئذٍ مختلطة من محاسن ومساو فلما جاء الإسلام نفَى عنها المساوي ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم « إنما بعثتُ لأتمّم مكارم الأخلاق » وغلب إطلاق اللسان على اللغة لأن أشرف ما يستعمل فيه اللسان هو الكلام قال تعالى : { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه } [ إبراهيم : 4 ] ، وقال : { فإنما يسرناه بلسانك } [ مريم : 97 ] .
وقوله : { لتنذر الذين ظلموا } يجوز أن يتعلق ب { مصدقا لما بين يديه } لأن ما سبقه مشتمل على الإنذار والبشارة والأحسن أن يتعلق بما في { كتاب } من معنى الإرشاد المشتمل على الإنذار والبشارة . وهذا أحسن ليكون { لتنذر } علة للكتاب باعتبار صفته وحاله .
والذين ظلموا هم المشركون { إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] ويلحق بهم الذين ظلموا أنفسهم من المؤمنين ولذلك قوبل بالمحسنين وهم المؤمنون الأتقياء لأن المراد ظلم النفس ويقابله الإحسان . والنّذارة مراتب والبشارة مثلها .
و { بشرى } عطف على { مصدق } ، والتقدير : وهو بشرى للمحسنين ، أي الكتاب ، وهذا النظم يجعل الجملة بمنزلة الاحتراس والتتميم .
وقرأ نافع وابن عامر والبزّي عن ابن كثير ويعقوبُ { لتنذر } بالمثناة الفوقية خطاباً للرسول صلى الله عليه وسلم فيحصل وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه منذر ووصفُ كتابه بأنه { بشرى } وفيه احتباك . وقرأه الجمهور بالمثناة التحتية على أنه خبر عن الكتاب فإسناد الإنذار إلى الكتاب مجاز عقلي .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: ومن قبل هذا الكتاب، كتاب موسى، وهو التوراة، إماما لبني إسرائيل يأتمُّون به، ورحمة لهم أنزلناه عليهم. وخرج الكلام مخرج الخبر عن الكتاب بغير ذكر تمام الخبر اكتفاءً بدلالة الكلام على تمامه وتمامه: ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أنزلناه عليه، وهذا كتاب أنزلناه لسانا عربيا... وهذا القرآن يصدق كتاب موسى بأن محمدا نبي مرسل لسانا عربيا.
وقوله:"لِيُنْذِرّ الّذِين ظَلَمُوا" يقول: لينذر هذا الكتاب الذي أنزلناه إلى محمد عليه الصلاة والسلام الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بالله بعبادتهم غيره.
وقوله: "وبُشْرى للْمُحْسِنِين "يقول: وهو بشرى للذين أطاعوا الله فأحسنوا في إيمانهم وطاعتهم إياه في الدنيا، فحسن الجزاء من الله لهم في الآخرة على طاعتهم إياه.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة} أي إماما يُقتدى به ورحمة لمن اتّبعه في دفع العذاب عنه...
{مصدّق} ولم يذكر أنه مصدّق لماذا؟ لكن قد ذكر في غير آية من القرآن {مصدقا لما بين يديه} يحتمل أي موافقا لما لم يحرَّف، ولم يغيَّر من تلك الكتب، لأن تلك الكتب قد حرّفوها، وغيّروها،... {لسانا عربيا} أي أنزله بلسان عربي ليُعلَم أنه لم يأخذه محمد صلى الله عليه وسلم من تلك الكتب لأن تلك الكتب كانت على غير لسان العرب، ولسانه عربيّ، ولكن جاء من الله تعالى بلسانه...
وقوله تعالى: {ليُنذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين} فمن قرأ لتُنذر بالتاء فتأويله لتُنذر يا محمد الذين ظلموا، ومن قرأ بالياء {ليُنذِر} أي لينذرهم القرآن.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
الإمام: خيط البناء، وكل ما يهتدى ويقتدى به فهو إمام...
{مصدق} معناه للتوراة التي تضمنت خبره وأمر محمد، فجاء هو مصدقاً لذلك الإخبار،... {الذين ظلموا} هم الكفار الذين جعلوا العبادة في غير موضعها في جهة الأصنام والأوثان...
ولما عبر عن الكفار ب {الذين ظلموا}، عبر عن المؤمنين ب «المحسنين» لتناسب لفظ الإحسان في مقابلة الظلم...
{إماما} أي قدوة... ووجه تعلق هذا الكلام بما قبله أن القوم طعنوا في صحة القرآن، وقالوا لو كان خيرا ما سبقنا إليه هؤلاء الصعاليك، وكأنه تعالى قال: الذي يدل على صحة القرآن أنكم لا تنازعون في أن الله تعالى أنزل التوراة على موسى عليه السلام، وجعل هذا الكتاب إماما يقتدى به، ثم إن التوراة مشتملة على البشارة بمقدم محمد صلى الله عليه وسلم فإذا سلمتم كون التوراة إماما يقتدى به، فاقبلوا حكمه في كون محمد صلى الله عليه وسلم حقا من الله...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ومن} أي قالوا ذلك والحال أنه كان في بعض الزمن الذي من {قبله} أي القرآن العظيم الذي حرموا تدبر آياته وحل مشكلاته وأعجزهم فصاحته {كتاب موسى} كلم الله وصفوته عليه الصلاة والسلام وهو التوراة التي كلمه الله بها تكليماً حال كون كتابه {إماماً} أي يستحق أن يؤمه كل من سمع به في أصول الدين مطلقاً وفي جميع ما فيه قبل تحريفه ونسخه وتبديله {ورحمة} لما فيه من نعمة الدلالة على الله والبيان الشافي فهبهم طعنوا في هذا القرآن وهم لا يقدرون على الطعن في كتاب موسى الذي قد سلموا لأهله أنهم أهل العلم وجعلوهم حكماء يرضون بقولهم في هذا النبي الكريم، وكتابهم مصادق لكتابهم فقد صاروا بذلك مصدقين بما كذبوا به، ولذلك قال الله تعالى: {وهذا} أي القرآن المبين المبيّن {كتاب} أي جامع لجميع الخيرات. ولما أريد تعميم التصديق بجميع الكتب الإلهية والحقوق الشرعية، حذف المتعلق فقال: {مصدق} أي لكتاب موسى عليه الصلاة والسلام وغيره من الكتب التي تصح نسبتها إلى الله تعالى فإن جميع الكتب التي جاءت به الرسل ناطقة بتوحد الله وأن هذا الكتاب لم يخرج عن هذا فأنّى يصح فيما هذا شأنه أن يكون إفكاً، إنما الإفك ما كذب كتب الله التي أتت بها أنبياؤه وتوارثها أولياؤه. ولما كان الكتاب قد تقوم الأدلة على مصادقته لكتب الله ويكون بغير لسان المكذب به فيكون في التكذيب أقل ملامة، احترز عن ذلك بقوله: {لساناً} أي أشير إلى هذا المصدق القريب منكم زماناً ومكاناً وفهماً حال كونه {عربياً} في أعلى طبقات اللسان العربي مع كونه أسهل الكتب تناولاً وأبعدها عن التكليف... {لينذر} أي أشير إلى الكتاب في هذا الحال لينذر الكتاب- بحسن بيانه وعظيم شأنه {الذين ظلموا} سواء كانوا عريقين في الظلم أم لا، فأما العريقون فهو لهم نذري كاملة، فإنهم لا يهتدون كما تقدم، وأما غيرهم فيهتدي بنذارته ويسعد بعبارته وإشارته، وليبشر الذين أحسنوا في وقت ما {ما} هو {بشرى} كاملة {للمحسنين} لا نذارة لهم لا في الدنيا ولا في الآخرة، فالآية من الاحتباك: أثبت أولاً {ينذر} و- {الذين ظلموا} دلالة على حذف نحوه ثانياً، {وبشرى} و {للمحسنين} ثانياً دلالة على- {نذري} {وللظالمين} أولاً.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
كرر القرآن الإشارة إلى الصلة بين القرآن والكتب قبله، وبخاصة كتاب موسى، باعتبار أن كتاب عيسى تكملة وامتداد له. وأصل التشريع والعقيدة في التوراة. ومن ثم سمي كتاب موسى (إماما) ووصفه بأنه رحمة. وكل رسالة السماء رحمة للأرض ومن في الأرض، بكل معاني الرحمة في الدنيا وفي الآخرة.. (وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا).. مصدق للأصل الأول الذي تقوم عليه الديانات كلها؛ وللمنهج الإلهي الذي تسلكه الديانات جميعها؛ وللاتجاه الأصيل الذي توجه البشرية إليه، لتتصل بربها الواحد الكريم. والإشارة إلى عروبته للامتنان على العرب، وتذكيرهم بنعمة الله عليهم...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وعبر عن « التّوراة» ب {كتاب موسى} بطريق الإضافة دون الاسم العلم وهو « التوراة» لما تؤذن به الإضافة إلى اسم موسى من التذكير بأنه كتاب أنزل على بشر كما أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم تلميحاً إلى مثار نتيجة قياس القرآن على « كتاب موسى» بالمشابهة في جميع الأحوال...
والإمام: حقيقته الشيء الذي يجعله العامل مقياساً لعمل شيء آخر ويطلق إطلاقاً شائعاً على القدوة...
واستعير الإمام لكتاب موسى لأنه يرشد إلى ما يجب عمله فهو كمن يرشد ويعظ، وموسى إمام أيضاً بمعنى القدوة...
وقوله: {وهذا كتاب مصدق} الخ هو المقيس على {كتاب موسى}. والإشارة إلى القرآن لأنه حَاضر بالذِكر فهو كالحاضر بالذات...
والمصدِّق: المخبر بصدق غيره. وحذف مفعول المصدِّق ليشمل جميع الكتب السماوية، قال تعالى: {مصدقا لما بين يديه}، أي مخبر بأحقيّة كل المقاصد التي جاءت بها الكتب السماوية السالفة. وهذا ثناء عظيم على القرآن بأنه احتوى على كل ما في الكتب السماوية وجاء مغنياً عنها ومبيناً لما فيها. والتصديق يشعر بأنه حاكم على ما اختُلف فيه منها. وما حُرّف فهمه بها قال تعالى: {مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه} [المائدة: 48]. وزاده ثناء بكونه {لساناً عربياً}، أي لغة عربيّة فإنها أفصح اللغات وأنفذها في نفوس السامعين وأحب اللغات للناس، فإنها أشرف وأبلغ وأفصح من اللغة التي جاء بها كتاب موسى، ومن اللغة التي تكلّم بها عيسى ودوّنها أتباعُه أصحاب الأناجيل. وأدمج لفظ {لسانا} للدلالة على أن المراد بعربيته عربية ألفاظه لا عربيّة أخلاقه وتعاليمه... والذين ظلموا هم المشركون {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: 13] ويلحق بهم الذين ظلموا أنفسهم من المؤمنين ولذلك قوبل بالمحسنين وهم المؤمنون الأتقياء لأن المراد ظلم النفس ويقابله الإحسان. والنّذارة مراتب والبشارة مثلها...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
إنّ من علامات صدق هذا الكتاب العظيم أنّ كتاب موسى الذي يعتبر إماماً أي قدوة للناس ورحمة قد أخبر عن هذا النبي وصفاته. وهذا القرآن أيضاً كتاب منسجم في آياته وفيه العلائم المذكورة في التوراة: (ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة وهذا كتاب مصدق) وإذا كان الأمر كذلك، فكيف تقولون: هذا إفك قديم؟ لقد أكّد القرآن في آياته مراراً على أنّه مصدق للتوراة والإنجيل، أي إنّه يتفق مع العلامات والصفات التي وردت في هذين الكتابين السماويين حول نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد كانت هذه العلامات دقيقة إلى الحد الذي يقول القرآن الكريم: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم)...
.ثمّ تضيف بعد ذلك: (لساناً عربياً) يفهمه الجميع ويستفيدون منه. ثمّ تبيّن في النهاية الهدف الرئيسي من نزول القرآن في جملتين قصيرتين، فتقول: (لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين) وإذا لاحظنا أنّ جملة (ينذر) مضارعة تدل على الاستمرار والدوام، فسيتّضح أنّ إنذار القرآن كبشارته دائم مستمر، فهو يحذر الظالمين والمجرمين على مدى التأريخ ويخوفهم وينذرهم، ويبشر المحسنين على الدوام. وممّا يلفت النظر أنّ الآية جعلت الظالمين في مقابل المحسنين لأنّ للظلم هنا معنى واسعاً يشمل كلّ إساءة ومخالفة، ومن الطبيعي أنّ الظلم إمّا بحق الآخرين أو بحق النفس.