فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةٗۚ وَهَٰذَا كِتَٰبٞ مُّصَدِّقٞ لِّسَانًا عَرَبِيّٗا لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِينَ} (12)

{ ومن قبله كتاب موسى } قرأ الجمهور بكسر الميم من { من } على أنها حرف جر وهي مع مجرورها خبر مقدم ، وكتاب موسى مبتدأ مؤخر ، والجملة في محل نصب على الحال ، أو مستأنفة ، والكلام مسوق لرد قولهم : { هذا إفك قديم } فإن كونه قد تقدم القرآن كتاب موسى وهو التوراة ، وتوافقا في أصول الشرائع يدل على أنه حق ، ويقتضي بطلان قولهم . وقرئ بفتح الميم على أنها موصولة ونصب كتاب أي وآتينا من قبله كتاب موسى .

{ إماما } أي يقتدي به في الدين { ورحمة } من الله لمن آمن به وهما منتصبان على الحال ، قاله الزجاج وغيره ، وقال الأخفش على القطع وقال أبو عبيدة أي جعلناه إماما ورحمة .

{ وهذا كتاب مصدق } يعني القرآن فإنه مصدق لكتاب موسى الذي هو إمام ورحمة ولغيره من كتب الله ، وقيل : مصدق للنبي صلى الله عليه وسلم وانتصاب { لسانا عربيا } على الحال الموطئة ، وصاحبها الضمير في مصدق العائدة إلى كتاب الله وجوز أبو البقاء أن يكون مفعولا لمصدق ، والأول أولى وقيل : على حذف مضاف أي ذا لسان عربي ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم وقيل بلسان على إسقاط حرف الجر وهو ضعيف { لينذر الذين ظلموا } أي لينذر الكتاب أو لينذر الله وقيل الرسول والأول أولى قرأ الجمهور بالتحتية وقرئ " لتنذر " بالفوقية على أن فاعله النبي صلى الله عليه وسلم .

{ وبشرى } في محل نصب عطفا على محل لتنذر ، لأنه مفعول به ، قاله الزمخشري وتبعه أبو البقاء وتقديره للإنذار والبشرى ، وقيل منصوب على المصدرية لفعل محذوف أي وبشر بشرى ، وقال الزجاج الأجود أن يكون في محل رفع أي وهو بشرى وقيل : إنه معطوف على مصدق فهو في محل رفع وقوله : { للمحسنين } متعلق ببشرى .