تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةٗۚ وَهَٰذَا كِتَٰبٞ مُّصَدِّقٞ لِّسَانًا عَرَبِيّٗا لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِينَ} (12)

الآية 12 وقوله تعالى : { ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة } أي إماما يُقتدى به ورحمة لمن اتّبعه في دفع العذاب عنه .

وقوله تعالى : { وهذا كتاب مُصدّق } ذكر ههنا { مصدّق } ولم يذكر أنه مصدّق لماذا ؟ لكن قد ذكر في غير آية{[19295]} من القرآن { مصدقا لما بين يديه } يحتمل أي موافقا لما لم يحرَّف ، ولم يغيَّر من تلك الكتب ، لأن تلك الكتب قد حرّفوها ، وغيّروها ، ولم يغيَّر ، ولم يحرَّف هذا الكتاب ، وقد حفظه الله تعالى عز وجل من التبديل والتغيير ؛ فهو مصدّق موافق لما لم يغيَّر ، ولم يحرَّف من تلك الكتب /509-ب/ والله أعلم .

وقوله تعالى : { لسانا عربيا } أي أنزله بلسان عربي ليُعلَم أنه لم يأخذه محمد صلى الله عليه وسلم من تلك الكتب لأن تلك الكتب كانت على غير لسان العرب ، ولسانه عربيّ ، ولكن جاء من الله تعالى بلسانه .

وقوله تعالى : { ليُنذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين } فمن قرأ لتُنذر{[19296]} بالتاء فتأويله لتُنذر يا محمد الذين ظلموا ، ومن قرأ بالياء { ليُنذِر } أي لينذرهم القرآن ، وقد ذكرنا في ما تقدّم تفسير النذارة والبشارة ، والله أعلم .


[19295]:في الأصل وم: آي.
[19296]:انظر معجم القراءات القرآنية ج6/164.