معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيّٗا} (3)

قوله تعالى : { إذ نادى } ، دعا ، { ربه } ، في محرابه { نداءً خفياً } ، دعا سراً من قومه في جوف الليل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيّٗا} (3)

وقوله : { إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا } : قال بعض المفسرين : إنما أخفى دعاءه ، لئلا ينسب في طلب الولد إلى الرعونة لكبره . حكاه الماوردي .

وقال آخرون : إنما أخفاه لأنه أحب إلى الله . كما قال قتادة في هذه الآية { إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا } : إن الله يعلم القلب التقي{[18659]} ، ويسمع الصوت الخفي .

وقال بعض السلف : قام من الليل ، عليه السلام ، وقد نام أصحابه ، فجعل يهتف بربه يقول خفية : يا رب ، يا رب ، يا رب فقال الله : لبيك ، لبيك ، لبيك .


[18659]:في ت: "النقي".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيّٗا} (3)

وقوله { نادى } معناه بالدعاء والرغبة . واختلف في معنى » إخفائه «هذا النداء ، فقال ابن جريح ذلك لأن الأعمال الخفية أفضل وأبعد من الرياء ، ومنه قول النبي عليه السلام «خير الذكر الخفي{[1]} » وقال غيره يستحب الإخفاء بين العبد ومولاه في الأعمال التي يزكو بها البشر ، وفي الدعاء الذي هو في معنى العفو والمغفرة لأنه يدل من الإنسان على أنه خير فإخفاؤه أبعد من الرياء ، وأما دعاء { زكرياء } وطلبه فكان في أمر دنيوي وهو طلب الولد فإنما إخفاوه لئلا يلومه الناس في ذلك ، وليكون على أول أمره إن أجيب نال بغيته وإن لم يجب لم يعرف أحد بذلك . ويقال : وصف بالخفاء لأنه كان في جوف الليل .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيّٗا} (3)

{ إذ نادى ربه } ظرف ل { رحمتِ } . أي رحمة الله إياه في ذلك الوقت ، أو بدل من { ذكر ، } أي اذكر ذلك الوقت .

والنداء : أصله رفع الصوت بطلب الإقبال . وتقدم عند قوله تعالى : { ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان } في سورة آل عمران ( 193 ) وقوله : { ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها } في [ سورة الأعراف : 43 ] . ويطلق النداء كثيراً على الكلام الذي فيه طلب إقبال الذات لعمل أو إقبال الذهن لوعي كلام ، فلذلك سميت الحروف التي يفتتح بها طلب الإقبال حروف النداء . ويطلق على الدعاء بطلب حاجة وإن لم يكن فيه نداء لأن شأن الدعاء في المتعارف أن يكون جهراً . أي تضرعاً لأنه أوقع في نفس المدعو . ومعنى الكلام : أن زكرياء قال : يا رب ، بصوت خفي .

وإنما كان خفياً لأن زكرياء رأى أنه أدخل في الإخلاص مع رجائه أنّ الله يجيب دعوته لئلا تكون استجابته مما يتحدث به الناس ، فلذلك لم يدعه تضرعاً وإن كان التضرع أعون على صدق التوجه غالباً ، فلعل يقين زكرياء كاف في تقوية التوجه ، فاختار لدعائه السلامة من مخالطة الرياء . ولا منافاة بين كونه نداء وكونه خفياً ، لأنه نداء من يسمع الخفاء .

والمراد بالرحمة : استجابة دعائه ، كما سيصرح به بقوله : { يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى } [ مريم : 7 ] . وإنما حكي في الآية وصف دعاء زكرياء كما وقع فليس فيها إشعار بالثناء على إخفاء الدعاء .