إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَآءً خَفِيّٗا} (3)

{ إِذْ نادى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً } ظرفٌ لرحمة ربك ، وقيل : لذِكرُ على أنه مضافٌ إلى فاعله اتساعاً لا على الوجه الأولِ لفساد المعنى ، وقيل : هو بدلُ اشتمالٍ من زكريا كما في قوله : { واذكر في الكتاب مَرْيَمَ إِذِ انتبذت } ولقد راعى عليه الصلاة والسلام حسنَ الأدب في إخفاء دعائِه ، فإنه مع كونه بالنسبة إليه عز وجل كالجهر أدخلُ في الإخلاص وأبعدُ من الرياء وأقربُ إلى الخلاص عن لائمة الناس على طلب الولدِ لتوقّفه مبادئ لا يليق به تعاطيها في أوان الكِبَر والشيخوخة وعن غائلة مواليه الذين كان يخافهم ، وقيل : كان ذلك من عليه السلام لضَعف الهرم ، قالوا : كان سنُّه حينئذ ستين ، وقيل : خمساً وستين ، وقيل : سبعين ، وقيل : خمساً وسبعين ، وقيل : أكثرَ منها كما مر في سورة آل عِمرانَ .