قوله تعالى : { فخرج على قومه من المحراب } ، وكان الناس من وراء المحراب ينتظرونه أن يفتح لهم الباب فيدخلون ويصلون ، إذ خرج عليهم زكريا متغيراً لونه فأنكروه ، وقالوا : مالك يا زكريا ؟ { فأوحى إليهم } فأومأ إليهم ، قال مجاهد : كتب لهم في الأرض ، { أن سبحوا } ، أي : صلوا لله ، { بكرةً } ، غدوة ، { وعشياً } ، ومعناه : أنه كان يخرج على قومه بكرةً وعشياً فيأمرهم بالصلاة ، فلما كان وقت حمل امرأته ومنع الكلام حتى خرج إليهم فأمرهم بالصلاة إشارة .
وهذا دليل على أنه لم يكن يكلم الناس في هذه الليالي الثلاث وأيامها { إِلا رَمْزًا } أي : إشارة ؛ ولهذا قال في هذه الآية الكريمة : { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ } أي : الذي بشر فيه بالولد ، { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ } أي : أشار إشارة خفية سريعة : { أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا } أي : موافقة له فيما أمر به في هذه الأيام الثلاثة زيادة على أعماله ، وشكرًا لله على ما أولاه .
قال مجاهد : { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ } أي : أشار . وبه قال وهب ، وقتادة .
وقال مجاهد في رواية عنه : { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ } أي : كتب لهم في الأرض ، كذا قال السدي .
وقوله { فخرج على قومه } المعنى أن الله تعالى أظهر الآية بأن خرج زكرياء من محرابه وهو موضع مصلاه ، و { المحراب } أرفع المواضع والمباني اذ هي تحارب من ناوأها ثم خص بهذا الاسم مبنى الصلاة ، وكانوا يتخذونها فيما ارتفع من الأرض ، واختلف الناس في اشتقاقه ، فقالت فرقة : هو مأخوذ من الحرب كأن ملازمه يحارب الشيطان والشهوات ، وقالت فرقة : هو مأخوذ من الحرَب بفتح الراء كأن ملازمه يلقى منه حرباً وتعباً ونصباً ، وفي اللفظ بعد هذا نظر ، وقوله { فأوحى } قال قتادة وابن منبه : كان ذلك بإشارة ، وقال مجاهد : بل بأن كتبه في التراب .
قال القاضي أبو محمد : وكلا الوجهين وحي . وقوله { أن سبحوا } ، { أن } مفسرة بمعنى «أي »{[7922]} ، و { سبحوا } قال قتادة : معناه صلوا ، والسبحة الصلاة ، وقالت فرقة : بل أمرهم بذكر الله وقول سبحان الله . وقرأ طلحة «أن سبحوه » بضمير ، وباقي الآية ويقال «وحى وأوحى » بمعنى واحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.