فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنَ ٱلۡمِحۡرَابِ فَأَوۡحَىٰٓ إِلَيۡهِمۡ أَن سَبِّحُواْ بُكۡرَةٗ وَعَشِيّٗا} (11)

{ فخرج على قومه من المحراب } أي من مصلاه متغير اللون ؛ عاجز الكلام فأنكروا ذلك عليه ، في القاموس : المحراب الغرفة ، وصدر البيت ، وأكرم مواضعه ، ومقام الإمام من المسجد ، والموضع الذي يتفرد به الملك فيتباعد عن الناس ، ومحاريب بني إسرائيل مساجدهم التي كانوا يجلسون فيها .

وفي الشهاب : وأما المحراب المعروف الآن ، وهو طاق مجوّف في حائط المسجد يصلي فيه الإمام فهو محدث لا تعرفه العرب ، فتسميته محرابا اصطلاح للفقهاء انتهى ، وهو ممنوع ؛ بل هو معنى لغوي إذ هو من أفراد المعنى اللغوي الذي ذكره في القاموس بقوله : ومقام الإمام بالمسجد واشتقاقه من الحرب كأن ملازمه يحارب الشيطان ، وقيل من الحرب محركا ؛ كأن ملازمه يلقى حربا وتعبا ونصبا .

{ فأوحى إليهم } أي أومأ ؛ وأشار ، بدليل قوله في آل عمران : إلا رمزا وقيل كتب لهم على الأرض ، وبالأول قال الكلبي ، والقرضي وقتادة وابن منبه وبالثاني ، قال مجاهد : وقد يطلق الوحي على الكتابة . قال ابن عباس : كتب لهم كتابا { أن سبحوا } مصدرية أو مفسرة ، والمعنى فأوحى إليهم بأن صلوا ؛ أو أي صلوا .

{ بكرة وعشيا } أي نزهوا ربكم طرفي النهار ؛ فهما ظرفا زمان للتسبيح . وانصرفت بكرة لأنه لم يقصد بها العلمية ، فلو قصد بها العلمية امتنعت من الصرف ، قال الفراء : العشي يؤنث ، ويجوز تذكره إذا أبهم ، قال : وقد يقال : العشي جمع عشية قيل والمراد صلاة الصبح والعصر ، وقيل المراد بالتسبيح هو قولهم سبحان الله .