فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنَ ٱلۡمِحۡرَابِ فَأَوۡحَىٰٓ إِلَيۡهِمۡ أَن سَبِّحُواْ بُكۡرَةٗ وَعَشِيّٗا} (11)

{ فَخَرَجَ على قَوْمِهِ مِنَ المحراب } وهو مصلاه ، واشتقاقه من الحرب ، كأنّ ملازمه يحارب الشيطان . وقيل : من الحرب محركاً ، كأن ملازمه يلقى حرباً وتعباً ونصباً { فأوحى إِلَيْهِمْ أَن سَبّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } قيل : معنى { أوحى } : أومأ بدليل قوله في آل عمران { إِلاَّ رَمْزًا } [ آل عمران : 41 ] . وقيل : كتب لهم في الأرض . وبالأوّل قال الكلبي والقرظي وقتادة وابن منبه ، وبالثاني قال مجاهد . وقد يطلق الوحي على الكتابة ومنه قول ذي الرّمة :

سوى الأربع الدهم اللواتي كأنها *** بقية وحي في بطون الصحائف

وقال عنترة :

كوحي صحائف من عهد كسرى *** فأهداها لأعجم طمطميّ

و«أن » في قوله : { أَن سَبّحُوا } مصدرية أو مفسرة ، والمعنى : فأوحى إليهم بأن صلوا ، أو أي صلوا ، وانتصاب { بكرة } و{ عشياً } على الظرفية . قال الفراء : العشي يؤنث ، ويجوز تذكيره إذا أبهم . قال : وقد يقال العشيّ جمع عشية ، قيل : والمراد : صلاة الفجر والعصر . وقيل : المراد بالتسبيح : هو قولهم سبحان الله في الوقتين : أي نزهوا ربكم طرفي النهار .

/خ11