اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنَ ٱلۡمِحۡرَابِ فَأَوۡحَىٰٓ إِلَيۡهِمۡ أَن سَبِّحُواْ بُكۡرَةٗ وَعَشِيّٗا} (11)

وقوله : { أنْ سَبَّحُوا } : يجوز في " أنْ " أن تكون مفسِّرة ل " أوْحَى " ، وأن تكون مصدرية مفعولة بالإيحاء ، و " بُكْرَةً وعشِيًّا " ظرفا زمانٍ للتسبيح ، وانصرفت " بُكْرَةً " ؛ لأنه لم يقصدْ بها العلميَّةُ ، فلو قُصِدَ بها العلميةُ امتنعت من الصَّرف ، وسواءٌ قصد بها وقتٌ بعينه ؛ نحو : لأسيرنَّ الليلة إلى بكرة ، أم لم يقصد ؛ نحو : بكرةُ وقتُ نشاطٍ ؛ لأنَّ علميَّتها جنسيَّةٌ ؛ كأسامة ، ومثلها في ذلك كله " غُدوة " .

وقرأ طلحة " سَبِّحُوه " بهاءِ الكناية ، وعنه أيضاً : " سَبِّحُنَّ " بإسناد الفعل إلى ضمير الجماعة مؤكِّداً بالثقيلة ، وهو كقوله : { لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ } [ هود : 8 ] ، وقد تقدَّم تصريفه .

قوله تعالى : { فَخَرَجَ على قَوْمِهِ مِنَ المحراب } ، وكان الناس من وراء المحراب ينتظرونه ؛ أن يفتح لهم الباب ، فيدخلون ويصلون ؛ إذ خرج عليهم زكريا متغيِّراً لونه ، فأنكروه ، فقالوا : ما لك يا زكريا { فأوحى إِلَيْهِمْ } .

قال مجاهدٌ : كتب لهم الأرض ، { أَن سَبِّحُواْ } ، أي صلوا لله ، { بُكْرَةً } ، غدوة ، { وَعَشِيّاً } ، معنا ه أنه كان يخرج على قومه بكرة وعشياً ، فيأمرهم بالصلاة ، فلما كان وقتُ حمل امرأته ، ومنع الكلام خرج إليهم ، فأمرهم بالصلاة إشارة .