معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ غِلۡمَانٞ لَّهُمۡ كَأَنَّهُمۡ لُؤۡلُؤٞ مَّكۡنُونٞ} (24)

قوله تعالى : { ويطوف عليهم } بالخدمة ، { غلمان لهم كأنهم } في الحسن والبياض والصفاء ، { لؤلؤ مكنون } مخزون مصون لم تمسه الأيدي . قال سعيد بن جبير : مكنون يعني : في الصدف . قال عبد الله بن عمر : وما من أحد من أهل الجنة إلا يسعى عليه ألف غلام ، وكل غلام على عمل ما عليه صاحبه . وروي عن الحسن أنه لما تلا هذه الآية قال : قالوا يا رسول الله : الخادم كاللؤلؤ المكنون ، فكيف المخدوم ؟ وعن قتادة أيضاً قال : ذكر لنا أن رجلاً قال : يا نبي الله هذا الخادم فكيف المخدوم ؟ قال : " فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب " .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ غِلۡمَانٞ لَّهُمۡ كَأَنَّهُمۡ لُؤۡلُؤٞ مَّكۡنُونٞ} (24)

وقوله : { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ } :إخبار عن خَدَمهم وحَشَمهم في الجنة كأنهم اللؤلؤ الرطب ، المكنون في حسنهم وبهائهم {[27511]} ونظافتهم وحسن ملابسهم ، كما قال { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ } [ الواقعة : 17 ، 18 ] .


[27511]:- (1) في م: "وبياضهم".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ غِلۡمَانٞ لَّهُمۡ كَأَنَّهُمۡ لُؤۡلُؤٞ مَّكۡنُونٞ} (24)

{ ويطوف عليهم } أي بالكأس . { غلمان لهم } أي مماليك مخصوصون بهم . وقيل هم أولادهم الذين سبقوهم . { كأنهم لؤلؤ مكنون } مصون في الصدف من بياضهم وصفائهم . وعنه صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب " .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ غِلۡمَانٞ لَّهُمۡ كَأَنَّهُمۡ لُؤۡلُؤٞ مَّكۡنُونٞ} (24)

عطف على جملة { يتنازعون فيها كأساً } [ الطور : 23 ] فهو من تمامه وواقع موقع الحال مثله ، وجيء به في صيغة المضارع للدلالة على التجدد والتكرر ، أي ذلك لا ينقطع بخلاف لذات الدنيا فإنها لا بد لها من الانقطاع بنِهايات تنتهي إليها فتُكرَّه لأصحابها الزيادةُ منها مثللِ الغَوْل ، والإِطباق ، ووجع الأمعاء في شرب الخمر ومثل الشبع في تناول الطعام وغير ذلك من كل ما يورث العجز عن الازدياد عن اللذة ويجعل الازدياد ألماً .

ولم يستثن من ذلك إلا لذات المعارف ولذات المناظر الحسنة والجمال .

ولما أشعر فعل { يطوف } بأن الغلمان يناولونهم ما فيه لذاتهم كان مشعراً بتجدد المناولة وتجدد الطواف وقد صار كل ذلك لذة لا سآمة منها .

والطواف : مشي متكرر ذهاباً ورجوعاً وأكثر ما يكون على استدارة ، ومنه طواف الكعبة ، وأهل الجاهلية بالأصنام ولأجله سمي الصنم دواراً لأنهم يدورون به . وسمي مشي الغلماء بينهم طوافاً لأن شأن مجالس الأحبة والأصدقاء أن تكون حلقاً ودوائر ليستووا في مرآهم كما أشار إليه قوله تعالى في سورة الصافات ( 44 ) { على سرر متقابلين } ومنه جعلت مجالس الدروس حلقاً وكانت مجالس النبي صلى الله عليه وسلم حلقاً . وقد أطلق على مناولة الخمر إدارة فقيل : أدارت الحارثة الخمر ، وهذا الذي يناول الخمر المدير .

وترك ذكر متعلق { يطوف } لظهوره من قوله : { يتنازعون فيها كأساً } وقوله : { وأمددناهم بفاكهة } [ الطور : 22 ] ودل عليه قوله تعالى : { يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب } [ الزخرف : 71 ] وقوله : { يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين } [ الصافات : 45 ، 46 ] فلما تقدم ذكر ما شأنه أن يطاف به هنا ترك ذكره بعد فعل { يطاف } بخلاف ما في الآيتين الأخريين .

والغلمان : جمع غلام ، وحقيقته من كان في سنّ يقارب البلوغ أو يبلغه ، ويطلق على الخادم لأنهم كانوا أكثر ما يتخذون خَدمهم من الصغار لعدم الكلفة في حركاتهم وعدم استثقال تكليفهم ، وأكثر ما يكونون من العبيد ومثله إطلاق الوليدة على الأمة الفتية كأنها قريبة عهد بولادة أمها .

فمعنى قوله : { غلمان لهم } : خدمة لهم . وعبر عنهم بالتنكير وتعليق لام الملك بضمير { الذين آمنوا } دون الإِضافة التي هي على تقدير اللام لما في الإِضافة من معنى تعريف المضاف بالانتساب إلى المضاف إليه عند السامع من قَبل . وليس هؤلاء الغلمان بمملوكين للمؤمنين ولكنهم مخلوقون لخدمتهم خلقهم الله لأجلهم في الجنة قال تعالى : { ويطوف عليهم ولدان مخلدون } [ الإنسان : 19 ] وهذا على نحو قوله تعالى : { بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد } [ الإسراء : 5 ] أي صنف من عبادنا غير معروفين للناس .

وشبهوا باللؤلؤ المكنون في حسن المرأى . واللؤلؤ : الدُرّ . والمكنون : المخزون لنفاسته على أربابه فلا يتحلى به إلا في المحافل والمواكب فلذلك يبقى على لمعانه وبياضه .