وَمِنْ رَحْمَتِهِ } أي : بكم { جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } أي : خلق هذا وهذا { لِتَسْكُنُوا فِيهِ } أي : في الليل ، { وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ } أي : في النهار بالأسفار والترحال ، والحركات والأشغال ، وهذا من باب اللف والنشر .
وقوله : { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي : تشكرون الله بأنواع العبادات في الليل والنهار ، ومن فاته شيء بالليل استدركه بالنهار ، أو بالنهار استدركه بالليل ، كما قال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } [ الفرقان : 62 ] . والآيات في هذا كثيرة{[22399]} .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِن رّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الْلّيْلَ وَالنّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وَمِنْ رَحْمَتِهِ بكم أيها الناس جَعَلَ لَكُمُ اللّيْلَ والنّهارَ فخالف بينهما ، فجعل هذا الليل ظلاما لِتَسْكُنُوا فِيهِ وتهدءوا وتستقرّوا لراحة أبدانكم فيه من تعب التصرّف الذي تتصرّفون نهارا لمعايشكم . وفي الهاء التي في قوله : لِتَسْكُنُوا فيه وجهان : أحدهما : أن تكون من ذكر الليل خاصة ، ويضمر للنهار مع الابتغاء هاء أخرى . والثاني : أن تكون من ذكر الليل والنهار ، فيكون وجه توحيدها وهي لهما وجه توحيد العرب في قولهم : إقبالك وإدبارك يؤذيني ، لأن الإقبال والإدبار فعل ، والفعل يوحّدُ كثيره وقليله . وجعل هذا النهار ضياء تبصرون فيه ، فتتصرّفون بأبصاركم فيه لمعايشكم ، وابتغاء رزقه الذي قسمه بينكم بفضله الذي تفضل عليكم .
وقوله : وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ يقول تعالى ذكره : ولتشكروه على إنعامه عليكم بذلك ، فعل ذلك بكم لتفردوه بالشكر ، وتخلصوا له الحمد ، لأنه لم يشركه في إنعامه عليكم بذلك شريك ، فلذلك ينبغي أن لا يكون له شريك في الحمد عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.