المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب  
{وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (73)

73- ومن رحمة الله بخلقه أن خلق لهم الليل والنهار وجعلهما متعاقبين ، ليستريحوا في الليل ، وليسعوا على رزقهم ومنافعهم في النهار ، وليُدركوا فضل الله عليهم فيشكروه{[169]} .


[169]:{قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون. قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الناهر سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون. ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون}: لا شك في أن خلق الأرض على صورتها الحالية ومركزها بالنسبة إلى الشمس ودورانها حول نفسها كل يوم مرة وحول الشمس في كل سنة شمسية مرة، لا شك في أن هذا مظهر من مظاهر قدرة الله وحكمته ووحدانيته. والآية الكريمة تنبه الناس إلى حقيقة يجب أن يعوها وهي: أنه ـ تعالى ـ لو خلق الأرض بحيث يكون ليلها دائما، أو بحيث يكون نهارها دائما، فليس هناك إله غيره يستطيع أن ينعم عليهم بالنهار والليل المتعاقبين. وذلك أن الأرض لو كانت تدور حول محورها وحول الشمس في فترة واحدة مقدارها 365 يوما تقريبا، لحدثت تغيرات جوهرية منها استمرار الظلام في نصفها واستمرار الضياء في نصفها الآخر تقريبا، وبهذا ترتفع الحرارة في النصف المضاء ارتفاعا لا يطاق، ويتجمد النصف المظلم، ويصير النصفان غير صالحين للحياة، أما نظام الأرض الحالي فإنه يكفل تعاقب الليل والنهار فينشأ السكون في الليل والسعي في النهار، ويتهيأ الجو الصالح لحياة الإنسان والحيوان والنبات، وهذا فضل من الله على عباده يستدعي الإقرار بقدرته ودوام شكره.