اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (73)

قوله : «لِتَسْكُنُوا فِيهِ » أي في الليل { وَلِتَبتَغُوا مِن فَضْلِهِ } أي : في النهار وهذا من باب اللف والنشر{[40738]} ومنه :

4016 - كَأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ رَطْباً وَيَابِساً *** لَدَى وَكْرِهَا العِنَّابُ والحَشَفُ البَالِي{[40739]}

قوله : «لَعَلَّكُمْ تَشْكرون » أي : نعم الله ، وقيل : أراد الشكر على المنفعتين معاً ، واعلم أنه وإن كان السكون في النهار ممكناً ( وابتغاء فضل الله بالليل ممكناً ){[40740]} إلا أن الأليق بكل واحد منهما ما ذكره الله تعالى ، فلهذا خصه به{[40741]} ،


[40738]:اللف والنشر هو ذكر متعدد على جهة التفصيل أو الإجمال، ثم ذكر ما لكل واحد من غير تعيين ثقة بأن السامع يرده إليه. الإيضاح (366).
[40739]:البيت من بحر الطويل، قاله امرؤ القيس، والشاهد فيه أن شبَّه شيئاً واحداً في حالتين مختلفتين بشيئين مختلفين، فالعنَّاب وهو نوع من الثمار رائق المنظر راجع إلى القلوب الرطبة، والحشف وهو أردأ التمر راجع إلى القلوب اليابسة وهو ما يسميه علماء البيان باللف والنشر. وفيه شاهد آخر وهو أن (رطباً ويابساً) حالان العامل فيهما حرف التشبيه، وهو (كأن) فلذا وجب تأخيرهما. البالي: العتيق. وقد تقدم.
[40740]:ما بين القوسين تكملة من الفخر الرازي.
[40741]:انظر الفخر الرازي 25/13.