معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَوَيۡلٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٖ شَدِيدٍ} (2)

قوله تعالى : { الله } قرأ أبو جعفر ، وابن عامر : الله بالرفع على الاستئناف ، وخبره فيما بعده . وقرأ الآخرون بالخفض نعتا للعزيز الحميد . وكان يعقوب إذا وصل خفض . وقال أبو عمرو : الخفض على التقديم والتأخير ، تقديره : إلى صراط الله العزيز الحميد . قوله تعالى : { الذي له ما في السموات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد * }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَوَيۡلٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٖ شَدِيدٍ} (2)

وقوله : { اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ } قرأه بعضهم مستأنفا مرفوعا ، وقرأه آخرون على الإتباع صفة للجلالة ، كما قال تعالى : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ } [ الأعراف : 158 ] .

وقوله : { وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } أي : ويل لهم يوم القيامة إذ خالفوك يا محمد وكذبوك .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَوَيۡلٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٖ شَدِيدٍ} (2)

القول في تأويل قوله تعالى : { اللّهِ الّذِي لَهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَوَيْلٌ لّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } .

اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والشام : اللّهُ الّذِي لَهُ ما فِي السّمَوَاتِ برفع اسم الله على الابتداء ، وتصيير قوله : الّذِي لَهُ ما فِي السّمَوَاتِ خبره . وقرأته عامّة قرّاء أهل العراق والكوفة والبصرة : اللّهِ الّذِي بخفض اسم الله على إتباع ذلك العَزِيزِ الحَمِيدِ وهما خفض .

وقد اختلف أهل العربية في تأويله إذا قرىء كذلك ، فذكر عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان يقرؤه بالخفض ويقول : معناه : بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ، الذي له ما في السموات ، ويقول : هو من المؤخر الذي معناه التقديم ، ويمثله بقول القائل : مررت بالظريف عبد الله ، والكلام الذي يوضع مكان الاسم : النعت ، ثم يجعل الاسم مكان النعت ، فيتبع إعرابه إعراب النعت الذي وضع موضع الاسم كما قال بعض الشعراء :

لَوْ كُنْتَ ذَا نَبْلٍ وذَا شَرِيبِ *** ما خِفْتَ شَدّاتِ الخَبِيثِ الذّيبِ

وأما الكسائيّ فإنه كان يقول فيما ذكر عنه من خفض أراد أن يجعله كلاما واحدا وأتبع الخفض الخفْضَ ، وبالخفض كان يقرأه .

والصواب من القول في ذلك عندي ، أنهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكلّ واحدة منهما أئمة من القرّاء معناهما واحد ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقد يجوز أن يكون الذي قرأه بالرفع ، أراد معنى من خفض في إتباع الكلام بعضه بعضا ، ولكنه رفع لانفصاله من الاَية التي قبله ، كما قال جلّ ثناؤه : إنّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وأمْوَالَهُمْ . . . إلى آخر الاَية ، ثم قال : التّائِبُونَ العابِدُونَ . ومعنى قوله : اللّهُ الّذِي لَهُ ما فِي السّمَوَاتِ وَما فِي الأرْضِ الله الذي يملك جميع ما في السموات وما في الأرض يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : أنزلنا إليك هذا الكتاب لتدعو عبادي إلى عبادة من هذه صفته ، ويدعوا عبادة من لا يملك لهم ولا لنفسه ضرّا ولا نفعا من الاَلهة والأوثان . ثم توعد جلّ ثناؤه من كفر به ولم يستجب لدعاء رسوله إلى ما دعاه إليه من إخلاص التوحيد له ، فقال : وَوَيْلٌ للكافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ يقول : الوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم ، لمن جحد وحدانيته وعبد معه غيره ، من عذاب الله الشديد .