وفي قوله : { الله } قراءتان ، فقرأ نافع وابن عامر برفع الهاء وصلاً وابتداء على أنه مبتدأ خبره { الذي له ما في السماوات وما في الأرض } ، أي : ملكاً وخلقاً ، وقرأ الباقون بالجرّ على أنه بدل أو عطف بيان وما بعده صفة .
تنبيه : ذهب جماعة من المحققين إلى أنّ قولنا : الله جار مجرى الاسم العلم لذات الله سبحانه وتعالى ، وذهب قوم آخرون إلى أنه لفظ مشتق . قال الرازي : والحق عندنا هو الأوّل ؛ لأنّ الأمّة لما اجتمعت على أنّ قولنا : لا إله إلا الله يوجب التوحيد المحض علمنا أنّ قولنا : الله جار مجرى الاسم العلم . وقد قال تعالى : { هل تعلم له سمياً } [ مريم ، 65 ] ، أي : هل تعلم من اسمه الله غير الله ، وذلك يدل على قولنا : الله اسم لذاته المخصوصة ، ولذا استشكل قراءة الجرّ إذ الترتيب الحسن أن يذكر الاسم ، ثم يذكر عقبه الصفات كقوله تعالى : { هو الله الخالق البارئ المصور } [ الحشر ، 24 ] وأمّا الخالق الله فلا يحسن .
وأجيب عن ذلك بأنه لا يبعد أن تذكر الصفة أوّلاً ، ثم يذكر الاسم ثم تذكر الصفة مرّة أخرى كما يقال : مررت بالإمام الأجل محمد الفقيه ، وهو بعينه نظير قوله تعالى : { صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض } والآية تفيد حصر ما في السماوات وما في الأرض له لا لغيره ، وذلك ليدلّ على أنه لا مالك إلا الله ، ولا حاكم إلا الله ، وأنه تعالى خالق لأعمال العباد ؛ لأنها حاصلة في السماوات والأرض ، فوجب القول بأنّ أفعال العباد له بمعنى كونها مملوكة له ، والملك عبارة عن القدرة فوجب كونها مقدورة لله ، وإذا ثبت أنها مقدورة لله وجب وقوعها بقدرة الله ، وإلا لكان العبد قد منع الله تعالى من إيقاع مقدوره ، وذلك محال ، ثم إنه تعالى لما ذكر ذلك عطف على الكفار بالوعيد فقال تعالى : { وويل للكافرين } ، أي : الذين تركوا عبادة من يستحق العبادة الذي له ما في السماوات وما في الأرض ، وعبدوا من لا يملك شيئاً البتة ، بل هو مملوك لله تعالى ؛ لأنه من جملة ما في السماوات وما في الأرض ، وويل مبتدأ ، وجاز الابتداء به ؛ لأنه دعاء كسلام عليكم وللكافرين خبره ، وقوله تعالى : { من عذاب شديد } ، أي : يعذبهم في الآخرة متعلق بويل ولا يضر الفصل بالخبر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.