قوله تعالى : { وإن هذه } قرأ أهل الكوفة : ( وإن ) بكسر الألف على الابتداء ، وقرأ الباقون بفتح الألف ، وخفف ابن عامر النون وجعل إن صلة ، مجازه : وهذه { أمتكم } وقرأ الباقون بتشديد النون على معنى وبأن هذه تقديره : بأن هذه أمتكم ، أي ملتكم وشريعتكم التي أنتم عليها ، { أمةً واحدةً } أي ملة واحدة وهي الإسلام ، { وأنا ربكم فاتقون } أي : اتقوني لهذا . وقيل : معناه أمرتكم بما أمرت به المرسلين من قبلكم ، فأمركم واحد { وأنا ربكم فاتقون } . فاحذورن . وقيل : هو نصب بإضمار فعل ، أي : اعلموا أن هذه أمتكم ، أي ملتكم ، أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون .
وقوله : { وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي{[20568]} : دينكم - يا معشر الأنبياء - دين واحد ، وملة واحدة ، وهو الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له ؛ ولهذا قال : { وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ } ، وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة " الأنبياء " ، وأن قوله : { أُمَّةً وَاحِدَةً } منصوب على الحال .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِنّ هََذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبّكُمْ فَاتّقُونِ } .
اختلفت القرّاء في قراءة قوله : وَإنّ هَذِهِ أمّتُكُمْ أُمّةً وَاحدَةً ، فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة : «وأنّ » بالفتح ، بمعنى : إني بما تعملون عليم ، وأن هذه أمتكم أمة واحدة . فعلى هذا التأويل «أنّ » في موضع خفض ، عطف بها على «ما » من قوله : بِما تَعْمَلُونَ ، وقد يحتمل أن تكون في موضع نصب إذا قرىء ذلك كذلك ، ويكون معنى الكلام حينئذٍ : واعلموا أن هذه ، ويكون نصبها بفعل مضمر . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين بالكسر : وَإنّ هذه على الاستئناف . والكسر في ذلك عندي على الابتداء هو الصواب ، لأن الخبر من الله عن قيله لعيسى : يا أيّها الرُسُلُ مبتدأ ، فقوله : وَإنّ هَذِهِ مردود عليه عطفا به عليه فكان معنى الكلام : وقلنا لعيسى : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات ، وقلنا : وإن هذه أمتكم أمة واحدة . وقيل : إن الأمة الذي في هذا الموضع : الدّين والملة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جُرَيج ، في قوله : وَإنّ هَذِهِ أُمّتُكُمُ أُمّةً وَاحِدَةً قال : الملة والدين .
وقوله : وأنا رَبّكُمْ فاتّقُونِ يقول : وأنا مولاكم فاتقون بطاعتي تأمنوا عقابي . ونصبت «أمة واحدة » على الحال . وذُكر عن بعضهم أنه قرأ ذلك رفعا . وكان بعض نحويّي البصرة يقول : رَفْع ذلك إذا رفع على الخبر ، ويجعل أمتكم نصبا على البدل من هذه . وأما نحويّو الكوفة فيأبُون ذلك إلاّ في ضرورة شعر ، وقالوا : لا يقال : مررت بهذا غلامكم لأن «هذا » لا تتبعه إلاّ الألف واللام والأجناس ، لأن «هذا » إشارة إلى عدد ، فالحاجة في ذلك إلى تبيين المراد من المشار إليه أيّ الأجناس هو ؟ وقالوا : وإذا قيل : هذه أمتكم واحدة ، والأمة غائبة وهذه حاضرة ، قالوا : فغير جائز أن يبين عن الحاضر بالغائب ، قالوا : فلذلك لم يجز : إن هذا زيد قائم ، من أجل أن هذا محتاج إلى الجنس لا إلى المعرفة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.