فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱتَّقُونِ} (52)

{ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } هذا من جملة ما خوطب به الأنبياء ، والمعنى واعلموا ان هذه ملتكم وشريعتكم أيها الرسل ملة واحدة وشريعة متحدة ، يجمعها أصل هو أعظم ما بعث الله به أنبياءه وانزل فيه كتبه ، وهو دعاء جميع الأنبياء إلى عبادة الله وحده لا شريك له . والمراد بها على هذه العقائد ، إذ هي التي اتحدت في كل الشرائع ، أما الأحكام الفرعية فقد اختلفت باختلاف الشرائع ، وقيل المعنى إن هذا الذي تقدم ذكره هو دينكم وملتكم فالزموه . على أن المراد بالأمة هنا الدين كما في قوله :إنا وجدنا آباءنا على أمة } .

وقال الخليل : أي أن عالم بأن هذا دينكم الذي أمرتكم أن تؤمنوا به . قال الفراء : " واعلموا أن هذه أمتكم " وقال سيبويه " فاتقون لأن أمتكم امة واحدة " وإنما أشير إليها ب { هذه } للتنبيه على كمال ظهور أمرها في الصحة والسداد وانتظامها بسبب ذلك في سلك الأمور المشاهدة ، والفاء في { وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ } لترتيب الأمر بالتقوى على ما قبله من كونه ربكم المختص بالربوبية ، أي لا تفعلوا ما يوجب العقوبة عليم مني بأن تشركوا بي غيري ، أو تخالفوا ما أمرتكم به أو نهيتكم عنه :