ثم قال معزياً لنبيه صلى الله عليه وسلم : { كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد } : قال ابن عباس ، ومحمد بن كعب : ذو البناء المحكم ، وقيل : أراد ذو الملك الشديد الثابت . وقال القتيبي : تقول العرب : هم في عز ثابت الأوتاد ، يريدون أنه دائم شديد . وقال الأسود بن يعفر : ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة في ظل ملك ثابت الأوتاد وأصل هذا أن بيوتهم كانت تثبت بالأوتاد . وقال الضحاك : ذو القوة والبطش . وقال عطية : ذو الجنود والجموع الكثيرة ، يعني : أنهم كانوا يقوون أمره ، ويشدون ملكه ، كما يقوي الوتد الشيء ، وسميت الأجناد أوتاداً لكثرة المضارب التي كانوا يضربونها ويوتدونها في أسفارهم ، وهو رواية عطية عن ابن عباس . وقال الكلبي و مقاتل : ( ( الأوتاد ) ) : جمع الوتد ، وكانت له أوتاد يعذب الناس عليها ، وكان إذا غضب على أحد مده مستلقياً بين أربعة أوتاد ، يشد كل يد ورجل منه إلى سارية ، ويتركه كذلك في الهواء بين السماء والأرض حتى يموت . وقال مجاهد ، و مقاتل بن حيان : كان يمد الرجل مستلقياً على الأرض ، يشد يديه ورجليه ورأسه على الأرض بالأوتاد . وقال السدي : كان يمد الرجل ويشده بالأوتاد ويرسل عليه العقارب والحيات . وقال قتادة و عطاء : كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب عليها بين يديه .
قوله تعالى : " كذبت قبلهم قوم نوح " ذكرها تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم وتسلية له ؛ أي هؤلاء من قومك يا محمد جند من الأحزاب المتقدمين الذين تحزبوا على أنبيائهم ، وقد كانوا أقوى من هؤلاء فأهلكوا . وذكر الله تعالى القوم بلفظ التأنيث ، واختلف أهل العربية في ذلك على قولين : أحدهما : أنه قد يجوز فيه التذكير والتأنيث . الثاني : أنه مذكر اللفظ لا يجوز تأنيثه ، إلا أن يقع المعنى على العشيرة والقبيلة ، فيغلب في اللفظ حكم المعنى المضمر تنبيها عليه ، كقوله تعالى : " كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره " [ المدثر :55 ] ولم يقل ذكرها ؛ لأنه لما كان المضمر فيه مذكرا ذكره ، وإن كان اللفظ مقتضيا للتأنيث . ووصف فرعون بأنه ذو الأوتاد . وقد اختلف في تأويل ذلك ، فقال ابن عباس : المعنى ذو البناء المحكم . وقال الضحاك : كان كثير البنيان ، والبنيان يسمى أوتادا . وعن ابن عباس أيضا وقتادة وعطاء : أنه كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب له عليها . وعن الضحاك أيضا : ذو القوة والبطش . وقال الكلبي ومقاتل : كان يعذب الناس بالأوتاد ، وكان إذا غضب على أحد مده مستلقيا بين أربعة أوتاد في الأرض ، ويرسل عليه العقارب والحيات حتى يموت . وقيل : كان يشبح المعذب بين أربع سوار ، كل طرف من أطرافه إلى سارية مضروب فيه وتد من حديد ويتركه حتى يموت . وقيل : ذو الأوتاد أي ذو الجنود الكثيرة فسميت الجنود أوتادا ؛ لأنهم يقوون أمره كما يقوي الوتد البيت . وقال ابن قتيبة : العرب تقول هم في عز ثابت الأوتاد ، يريدون دائما شديدا . وأصل هذا أن البيت من بيوت الشعر إنما يثبت ويقوم بالأوتاد . وقال الأسود بن يعفر :
ولقد غَنَوْا فيها بأنعَمِ عيشةٍ *** في ظلِّ مُلْكٍ ثابتِ الأوتادِ
وواحد الأوتاد وتد بالكسر ، وبالفتح لغة . وقال الأصمعي : يقال وتد واتد كما يقال : شغل شاغل . وأنشد :
لاقت على الماء جُذَيْلاً واتِدَا *** ولم يكن يخلفها المَوَاعِدَا
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.