البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَعَادٞ وَفِرۡعَوۡنُ ذُو ٱلۡأَوۡتَادِ} (12)

الوتد : معروف ، وكسر التاء أشهر من فتحها .

ويقال : وتد واتد ، كما يقال : شغل شاغل .

قال الأصمعي وأنشد :

لاقت على الماء جذيلاً واتداً *** ولم يكن يخلفها المواعدا

وقالوا : ودّ فأدغموه ، قال الشاعر :

تخرج الودّ إذا ما أشحذت *** وتواريه إذا ما تشتكر

وقالوا فيه : دت ، فأدغموا بإدال الدال تاء ، وفيه قلب الثاني للأول ، وهو قليل .

ولما ذكر تعالى أنه أهلك قبل قريش قروناً كثيرة لما كذبوا رسلهم ، سرد منهم هنا من له تعلق بعرفانه .

و { ذو الأوتاد } : أي صاحب الأوتاد ، وأصله من ثبات البيت المطنب بأوتاده .

قال الأفوه العوذي :

والبيت لا يبتنى إلا على عمد *** ولا عماد إذا لم ترس أوتاد

فاستعير لثبات العز والملك واستقامة الأمر ، كما قال الأسود :

في ظل ملك ثابت الأوتاد . . .

قاله الزمخشري ، وأخذه من كلام غيره .

وقال ابن عباس ، وقتادة ، وعطاء : كانت له أوتاد وخشب يلعب بها وعليها .

وقال السدي : كان يقتل الناس بالأوتاد ، ويسمرهم في الأرض بها .

وقال الضحاك : أراد المباني العظيمة الثابتة .

وقيل : عبارة عن كثرة أخبيته وعظم عساكره .

وقيل : كان يشج المعذب بين أربع سواري ، كل طرف من أطرافه إلى سارية مضروبة فيها وتد من حديد ، ويتركه حتى يموت .

روي معناه عن الحسن ومجاهد ، وقيل : كان يمده بين أربعة أوتاد في الأرض ، ويرسل عليه العقارب والحيات .

وقيل : يشدهم بأربعة أوتاد ، ثم يرفع صخرة فتلقى عليه فتشدخه .

وقال ابن مسعود ، وابن عباس ، في رواية عطية : الأوتاد : الجنود ، يشدون ملكه ، كما يقوي الوتد الشيء .

وقيل : بنى مناراً يذبح عليها الناس ، قاله ابن جبير .