محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَعَادٞ وَفِرۡعَوۡنُ ذُو ٱلۡأَوۡتَادِ} (12)

{ كذبت قبلهم } أي : قبل قريش ، { قوم نوح وعاد } : وهم قوم هود { وفرعون ذو الأوتاد } أي : الملك الثابت . وأصله البيت المطنّب ، أي المربوطة أطنابه-أي حباله - بأوتاده . استعير للملك استعارة تصريحية . وصف به فرعون مبالغة بجعله عين ملكه . أو شبه فرعون في ثبات ملكه بذي بيت ثابت أقيم عموده وثبتت أوتاده . على طريق الاستعارة المكنية . وأثبت له ما هو من خواصه تخييلا ، وهو قوله { ذو الأوتاد } فإنه لازم له . أو هو كناية . حيث أطلق اللازم وأريد الملزوم وهو الملك الثابت . وقد جاء هذا في قول الأسود من شعراء الجاهلية :

ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة***في ظل مُلك ثابت الأوتاد

أو المعنى : ذو الجموع الكثيرة . سموا بذلك لأن بعضهم يشد بعضا ، كالوتد يشد البناء . فالاستعارة تصريحية في الأوتاد . أو هو مجاز مرسل للزوم الأوتاد للجند . أو هو على حقيقته والمراد المباني العظيمة والهياكل الثابتة الفخيمة . واللفظ صادق في الكل .