فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَعَادٞ وَفِرۡعَوۡنُ ذُو ٱلۡأَوۡتَادِ} (12)

{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } : استئناف مقرر لمضمون ما قبله ببيان أحوال العتاة الطغاة الذين هؤلاء جند من جنسهم بما فعلوا من الكفر والتكذيب ، وفعل بهم من العقاب والعذاب { قَوْمُ نُوحٍ } أي : كذبوا رسولهم نوحا ، وكذا يقدر فيما بعده ، وتأنيث قوم باعتبار المعنى . وهم أنهم أمة وطائفة وجماعة .

{ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ } : قال المفسرون كانت له أوتاد يعذب بها الناس وذلك أنه كان إذا غضب على أحد وتد يديه ورجليه ورأسه على الأرض ، وقيل : كانت له أوتاد وحبال يلعب بها بين يديه ، وما أبرد هذا القول ، وقيل : ذو القوة والبطش ، وقيل : المراد بالأوتاد الجموع والجنود الكثيرة ، يعني أنهم كانوا يقووه أمره ويشدون سلطانه ، كما تقوي الأوتاد ما ضربت عليه فالكلام خارج مخرج الاستعارة على هذا قال ابن قتيبة ، العرب تقول : هم في عز أو في ملك ثابت الأوتاد ويريدون ملكا دائما شديدا ، وأصل هذا أن البيت من بيوت الشعر إنما يثبت ويقوم بالأوتاد ، وقيل : المراد بالأوتاد هنا البناء المحكم ، أي وفرعون ذو الأبنية المحكمة ، قال الضحاك : والبنيان يسمى أوتادا والأوتاد جمع وتد ، وفيه لغات أفصحها فتح الواو وكسر التاء ويقال : وتد بفتحهما . وود بإدغام التاء في الدال بوزن وج ، وودت وهي لغة أهل نجد قال الصمعي : ويقال وتد واتد مثل شغل شاغل .