ثم قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - معزياً له : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو الأوتاد } قال ابن عباس ومحمد بن كعب : ذو البِناء المحكم ، وقيل : أراد ذو الملك الشديد الثابت ، وقال القتيبيّ : تقول العرب : هم في عِزٍّ ثابت الأوتاد بريدون أنه دائم شديد ، وقال الضحاك : ذو القوة البطش ، وقال عطية : ذو الجنود والجموع الكثيرة ، وسميت الأجناد أوتاداً لكثرة المضارب التي كانوا يضربونها ويوتدونها في أسفارهم . وهي رواية عطية العوفي عن ابن عباس يعني أنهم كانوا يقوون أمره ويشدون ملكه كما يقوي الوتد الشيء . وهذه استعارة بليغة حيث شبه الملك ببيت الشعر ، وبيت الشعر لا يثبت إلا بالأوتاد والأطْنَاب كما قال الأفوه الأودي :
والْبَيْتُ لاَ يُبْتَنَى إلاَّ عَلَى عُمُدٍ***وَلاَ عِمَادَ إذَا لَمْ تُرْسَ أَوْتَادُ
فاستعير لثبات العز والملك واستقرار الأمر كقول الأسود بن يعفر :
وَلَقَدْ غَنُوا فِيهَا بِأَنْعَمِ عِيشةٍ***فِي ظِلّ مُلْكٍ ثَابِتِ الأَوْتَادِ
والأوتاد جمع وتد وفيه لغات : وَتِدٌ بفتح الواو وكسر التاء وهي الفصحى ، ووتَدَ بفتحتين ، وَوَدٌّ بإدغام التاء في الدال قال :
تُخْرِجُ الْوَدَّ إذَا ما أَشْجذَتْ***وَتُوَارِيه إذَا تَشْتَكِرْ
ووت بإبدال ( الدال ) تاء ، ثم إدغام التاء فيها ، وهذا شاذ ؛ لأن الأصل إبدال الأول للثاني لا العكس ، وقد تقدم نحوٌ من هذا في آل عمران عند قوله : { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة } [ آل عمران : 185 ] .
ويقال : وَتِدٌ ( وَاتِد ) أي قويّ ثابتٌ وهو مثلُ مجازِ قولهم : شُغل شاغِل .
لاَقَتْ عَلَى الْمَاءِ جُذَيْلاَ واتدا***وَلَمْ يَكُنْ يُخْلِفُهَا الْمَوَاعِدَا
وقيل : الأوتاد هنا حقيقة لا استعارة ، وقال الكلبي ومقاتل : الأوتاد جمع الوَتدِ وكان له أوتاد يعذب الناس عليها فكان إذا غضب على أَحَد مده مستلقياً بين أربعة أوتاد تشدّ كل يد وكل رجل منه إلى سارية ويتركه كذلك في الهواء بين السماء والأرض حتى يموت . وقال مجاهد ومقاتل بن حيَّان كان يمد الرجل مستلقياً على الأرض ثم يشد يديه ورجليه ورأسه على الأرض بالأوتاد . وقال السدي : كان يمد الرجل ويشده بالأوتاد ويرسل عليه العقاربَ والحيَّاتِ . وقال قتادة وعطاء : كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب عليها بين يديه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.