النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَعَادٞ وَفِرۡعَوۡنُ ذُو ٱلۡأَوۡتَادِ} (12)

قوله عز وجل : { كذبت قبلهم قوم نوح } : ذكر الله عز وجل القوم بلفظ التأنيث ، واختلف أهل العربية في تأنيثه على قولين : أحدهما : أنه قد يجوز فيه التأنيث والتذكير . الثاني : أنه مذكر اللفظ لا يجوز تأنيثه إلا أن يقع المعنى على العشيرة فيغلّب في اللفظ حكم المعنى المضمر تنبيهاً عليه ، كقوله تعالى : { كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره } ، ولم يقل ذكرها لأنه لما كان المضمر فيه مذكوراً ذكره وإن كان اللفظ مقتضياً للتأنيث .

{ وعادٌ } : وهم قوم هود كانوا بالأحقاف من أرض اليمن ، قال ابن إسحاق : كانوا أصحاب أصنام يعبدونها ، وكانت ثلاثة يقال لأحدها هدر وللآخر صمور للآخر الهنا ، فأمرهم هود أن يوحدوا الله سبحانه ولا يجعلوا معه إِلهاً غيره ويكفوا عن ظلم الناس ولم يأمرهم إلا بذلك .

{ وفرعون ذُو الأوتاد } : وفي تسميته بذي الأوتاد أربعة أقاويل : أحدها : أنه كان كثير البنيان ، والبنيان يسمى أوتاداً ، قاله الضحاك . الثاني : أنه كانت له ملاعب من أوتاد يلعب عليها ، قاله ابن عباس وقتادة . الثالث : لأنه كان يعذب الناس بالأوتاد ، قاله السدي . والرابع : أنه يريد ثابت الملك شديد القوة كثبوت ما يشد بالأوتاد كما قال الأسود بن يعفر :

ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة *** في ظل ملك ثابت الأوتاد