معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (34)

قوله تعالى : { ليكفروا بما آتيناهم } ثم خاطب هؤلاء الذين فعلوا هذا خطاب تهديد فقال : { فتمتعوا فسوف تعلمون } حالكم في الآخرة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (34)

33

وهو الفريق الذي لا يستند إلى عقيدة صحيحة تهديه إلى نهج مستقيم . ذلك أن الرخاء يرفع عنهم الأضطرار الذي ألجأهم إلى الله ؛ وينسيهم الشدة التي ردتهم إليه . فيقودهم هذا إلى الكفر بما آتاهم الله من الهدى وما آتاهم من الرحمة ، بدلا من الشكر والاستقامة على الإنابة .

وهنا يعاجل هذا الفريق بالتهديد في أشخاص المشركين الذين كانوا يواجهون الرسالة المحمدية ، فيوجه إليهم الخطاب ، ويحدد أنهم من هذا الفريق الذي يعنيه :

( فتمتعوا فسوف تعلمون ) . .

وهو تهديد ملفوف ، هائل مخيف . وإن الإنسان ليخاف من تهديد حاكم أو رئيس فكيف وهذا التهديد من فاطر هذا الكون الهائل ، الذي أنشأه كله بقولة : كن ! ( فتمتعوا فسوف تعلمون ) !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (34)

واللام في قوله { لِيَكْفروا } لام التعليل وهي مستعارة لمعنى التسبب الذي حقه أن يفاد بالفاء لأنهم لما أشركوا لم يريدوا بشركهم أن يجعلوه علة للكفر بالنعمة ولكنهم أشركوا محبة للشرك فكان الشرك مفضياً إلى كفرهم نعمة الله خشية الإفضاء والتسبب بالعلة الغائية على نحو قوله تعالى : { فالتقطه ءال فرعون ليكون لهم عدوّاً وحَزَناً } [ القصص : 8 ] .

وضمير { ليكفروا } عائد إلى الفريق باعتبار معناه .

والإيتاء : إعطاء النافع ، أي بما أنعمنا عليهم من النعم التي هي نعمة الإيجاد والرزق وكشف الضر عنهم . ثم التفت عن الغيبة إلى الخطاب بقوله { فتمتعوا } توبيخاً لهم وإنذاراً ، وجيء بفاء التفريع في قوله { فتمتعوا } لأن الإنذار والتوبيخ مفرعان عن الكلام السابق . والأمر في ( تمتعوا ) مستعمل في التهديد والتوبيخ . والتمتع : الانتفاع بالملائم وبالنعمة مدة تنقضي .

والفاء في { فسوف تعلمون } تفريع للإنذار على التوبيخ ، وهو رشيق . و ( سوف تعلمون ) إنذار بأنهم يعلمون في المستقبل شيئاً عظيماً ، والعلم كناية عن حصول الأمر الذي يُعلم ، أي عن حلول مصائب بهم لا يعلمون كنهها الآن ، وهو إيماء إلى عظمتها وأنها غير مترقبة لهم . وهذا إشارة إلى ما سيصابون به يوم بدر من الاستئصال والخزي وهم كانوا يستعجلون بعذاب من جنس ما عذب به الأمم الماضية مثل عاد وثمود ، وكانت الغاية واحدة ، فإن إصابتهم بعذاب سيوف المسلمين أبلغ في كون استئصالهم بأيدي المؤمنين مباشرة ، وأظهر في إنجاء المؤمنين من عذاب لا يصيب الذين ظلموا خاصة وذلك هو المراد في قوله تعالى { إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون } [ الدخان : 15 ، 16 ] . والبطشة الكبرى : بطشة يوم بدر .