تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (34)

الآية 34 وقوله تعالى : { ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا } اختلف فيه : قال بعضهم : هو على التقديم والتأخير ؛ يقول : إذا أذاقهم منه رحمة لئلا يكفروا . أو : إنما أذاقهم منه رحمة لئلا يكفروا ، لكنهم كفروا . إلى هذا ذهب مقاتل .

وعندنا ما ذكرنا : أذاقهم منه رحمة ليكون منهم ما قد علم أنهم يختارون ، ويكون/413-أنهم ، وهو الكفر .

ولا جائز أن يذيقهم الرحمة لئلا يكفروا ، ويعلم منهم أنهم يختارون الكفر ، ويكون منهم ذلك ، فدل أنه ما ذكرنا .

ثم [ في ]( {[16046]} ) الآية دلالة نقض قول المعتزلة في قولهم : إن على الله الأصلح للعباد لهم في الدين ، وقولهم : إذا علم من أحد منهم الإيمان في وقت من الأوقات ليس له أن يخترمه( {[16047]} ) ، ولكن عليه أن يبقيه إلى ذلك الوقت [ لأنه لو اخترمه( {[16048]} ) قبل ذلك الوقت ]( {[16049]} ) لكان هو المانع إيمانه .

فيقال : إن أولئك الكفرة لما أخلصوا دينهم لله في حال الشدة وخوف الهلاك لم يبقهم الله على ذلك الإخلاص والحال التي يخلصون الأمر له أو الدين ؛ بل وسع عليهم ، وحولهم من تلك الحال حتى عادوا إلى ما كانوا .

دل أن ليس على الله حفظ الأصلح للخلق في الدين ، وقد أمر نبيه بمقاتلة الكفرة مطلقا ، ولعلهم يسلمون في وقت لو تركوا ، أو( {[16050]} ) بعض منهم . دل أن ليس ذلك عليه .

وقوله تعالى : { فتمتعوا } هو في الظاهر أمر ، ولكنه يخرج على الوعيد كقوله : { اعملوا ما شئتم } [ فصلت : 40 ] وقد ذكر في آية أخرى { وليتمتعوا } [ العنكبوت : 66 ] فهو ما ذكرنا ، والله أعلم .


[16046]:من م، ساقطة من الأصل.
[16047]:في الأصل وم: يخترعه.
[16048]:في الأصل وم: اخترعه.
[16049]:من م، ساقطة من الأصل.
[16050]:من م، في الأصل:أي.