نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (34)

ولما كان هذا{[53108]} الفعل مما لا يفعله إلا شديد الغباوة أو العناد ، وكانوا يدعون أنهم أعقل الناس ، ربا بهم عن منزلة البله إلى ما الجنون خير منه تهكماً بهم فقال : { ليكفروا بما }{[53109]} ولفت الكلام إلى مظهر العظمة فقال{[53110]} : { آتيناهم } أي من الرحمة التي من عظمتها أنه لا يقدر عليها غيرنا أمناً من أن يقعوا في شدة اخرى فنهلكهم بما أغضبونا ، أو توسلاً بذلك إلى أن{[53111]} نخلصهم متى وقعوا في أمثالها ، فما أضل عقولهم وأسفه{[53112]} آراءهم ! .

ولما كان فعلهم هذا سبباً لغاية الغضب ، دل عليه بتهديده ملتفتاً إلى المخاطبة بقوله : { فتمتعوا } أي بما{[53113]} أردتم فيه بالشرك من اجتماعكم عند الأصنام وتواصلكم بها وتعاطفكم ، وسبب عن{[53114]} هذا التمتع قوله : { فسوف تعلمون* } أي يكون لكم بوعد لا خلف فيه علم فتعرفون إذا حل بكم البلاء وأحاط بكم جميعاً المكروه{[53115]} هل ينفعكم شيء من الأصنام أو من اتخذتم عنده يداً بعبادتها ووافقتموه في التقرب إليها .


[53108]:زيد من م.
[53109]:سقط ما بين الرقمين من م.
[53110]:سقط ما بين الرقمين من م.
[53111]:في ظ: أنهم.
[53112]:من ظ وم، وفي الأصل: أسعة ـ كذا.
[53113]:زيد من ظ وم.
[53114]:في ظ: من.
[53115]:زيدت الواو في ظ.