معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{تَدۡعُونَنِي لِأَكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشۡرِكَ بِهِۦ مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞ وَأَنَا۠ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡغَفَّـٰرِ} (42)

ثم فسر ذلك فقال :{ تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار } العزيز في انتقامه ممن كفر ، الغفار لذنوب أهل التوحيد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تَدۡعُونَنِي لِأَكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشۡرِكَ بِهِۦ مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞ وَأَنَا۠ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡغَفَّـٰرِ} (42)

21

فهو يبدل الدعوة بالدعوة في تعبيره في الآية التالية :

( تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم . وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار ) . .

وشتان بين دعوة ودعوة . إن دعوته لهم واضحة مستقيمة . إنه يدعوهم إلى العزيز الغفار . يدعوهم إلى إله واحد تشهد آثاره في الوجود بوحدانيته ، وتنطق بدائع صنعته بقدرته وتقديره . يدعوهم إليه ليغفر لهم وهو القادر على أن يغفر ، الذي تفضل بالغفران : ( العزيز الغفار ) . . فإلى أي شيء يدعونه ? يدعونه للكفر بالله . عن طريق إشراك ما لا علم له به من مدعيات وأوهام وألغاز !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{تَدۡعُونَنِي لِأَكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشۡرِكَ بِهِۦ مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞ وَأَنَا۠ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡغَفَّـٰرِ} (42)

وجملة { تَدْعُونَنِي لأكْفُرَ بالله } بيان لجملة { وتدعونني إلى النار } لأن الدعوة إلى النار أمر مجمل مستغرب فبينه ببيان أنهم يدعونه إلى التلبس بالأسباب الموجبة عذاب النار . والمعنى : تدعونني للكفر بالله وإشراك ما لا أعلم مع الله في الإِلهية .

ومعنى { مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } ما ليس لي بصحته أو بوجوده علم ، والكلام كناية عن كونه يعلم أنها ليست آلهة بطريق الكناية بنفي اللازم عن نفي الملزوم .

وعطف عليه { وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفَّار } فكان بياناً لمجمل جملة { أدْعُوكُمْ إلَى النجاة } . وإبراز ضمير المتكلم في قوله : { وأنا أدعوكم } لإِفادة تقوِّي الخبر بتقديم المسند إليه على خبره الفعلي .

وفعل الدعوة إذا ربط بمتعلق غير مفعوله يعدّى تارة باللام وهو الأكثر في الكلام ، ويعدى بحرف ( إلى ) وهو الأكثر في القرآن لما يشتمل عليه من الاعتبارات ولذلك علق به معموله في هذه الآية أربع مرات ب ( إلى ) ومرة باللام مع ما في ربط فعل الدعوة بمتعلقه الذي هو من المعنويات من مناسبة لام التعليل مثل { تدعونني لأكْفُرَ بالله وأُشْرِكَ بِهِ } ، وربطِه بما هو ذات بحرف ( إلى ) في قوله : { أدْعُوكم إلى النجاة } فإن النجاة هي نجاة من النار فهي نجاة من أمر محسوس ، وقوله : { وتدعونني إلى النَّار } وقوله : { وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا } الخ ، لأن حرف ( إلى ) دالّ على الانتهاء لأن الذي يدعو أحداً إلى شيء إنما يدعوه إلى أن ينتهي إليه ، فالدعاء إلى الله الدعاء إلى توحيده بالربوبية فشبه بشيء محسوس تشبيه المعقول بالمحسوس ، وشبه اعتقادُه صحتَه بالوصول إلى الشيء المسعي إليه ، وشبهت الدعوة إليه بالدلالة على الشيء المرغوب الوصول إليه فكانت في حرف ( إلى ) استعارة مكنية وتخييلية وتبعية ، وفي { العَزِيزِ الغفار } استعارة مكنية ، وفي { أدعوكم } استعارة تبعية وتخييلية .

وعدل عن اسم الجلالة إلى الصفتين { العَزِيزِ الغفار } لإِدماج الاستدلال على استحقاقه الإِفراد بالإِلهية والعبادة ، بوصفه { العزيز } لأنه لا تناله الناس بخلاف أصنامهم فإنها ذليلة توضع على الأرض ويلتصق بها القتام وتلوثها الطيور بذرقها ، ولإِدماج ترغيبهم في الإقلاع عن الشرك بأن الموحد بالإِلهية يغفر لهم ما سلف من شركهم به حتى لا ييأسوا من عفوه بعد أن أساءوا إليه .