مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{تَدۡعُونَنِي لِأَكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشۡرِكَ بِهِۦ مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞ وَأَنَا۠ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡغَفَّـٰرِ} (42)

ولما ذكر هذا المؤمن أنه يدعوهم إلى النجاة وهم يدعونه إلى النار ، فسر ذلك بأنهم يدعونه إلى الكفر بالله وإلى الشرك به ، أما الكفر بالله فلأن الأكثرين من قوم فرعون كانوا ينكرون وجود الإله ، ومنهم من كان يقر بوجود الله إلا أنه كان يثبت عبادة الأصنام وقوله تعالى : { وأشرك به ما ليس لي به علم } المراد بنفي العلم نفي المعلوم ، كأنه قال وأشرك به ما ليس بإله وما ليس بإله كيف يعقل جعله شريكا للإله ؟ ولما بين أنهم يدعونه إلى الكفر والشرك بين أنه يدعوهم إلى الإيمان بالعزيز الغفار فقوله { العزيز } إشارة إلى كونه كامل القدرة ، وفيه تنبيه على أن الإله هو الذي يكون كامل القدرة ، وأما فرعون فهو في غاية العجز فكيف يكون إلها ، وأما الأصنام فإنها أحجار منحوتة فكيف يعقل القول بكونها آلهة وقوله { الغفار } إشارة إلى أنه لا يجب أن يكونوا آيسين من رحمة الله بسبب إصرارهم على الكفر مدة مديدة ، فإن إله العالم وإن كان عزيزا لا يغلب قادرا لا يغالب ، لكنه غفار يغفر كفر سبعين سنة بإيمان ساعة واحدة .