معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ نَبۡعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٖ شَهِيدٗا ثُمَّ لَا يُؤۡذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلَا هُمۡ يُسۡتَعۡتَبُونَ} (84)

قوله تعالى : { ويوم نبعث من كل أمة شهيداً } ، يعني : رسولاً ، { ثم لا يؤذن للذين كفروا } ، في الاعتذار ، وقيل : في الكلام أصلاً ، { ولا هم يستعتبون } ، يسترضون ، يعني : لا يكلفون أن يرضوا ربهم ؛ لأن الآخرة ليست بدار تكليف ، ولا يرجعون إلى الدنيا فيتوبون . وحقيقة المعنى في الاستعتاب : أنه التعرض لطلب الرضا ، وهذا الباب منسد في الآخرة على الكفار .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ نَبۡعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٖ شَهِيدٗا ثُمَّ لَا يُؤۡذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلَا هُمۡ يُسۡتَعۡتَبُونَ} (84)

77

ثم يعرض ما ينتظر الكافرين عندما تأتي الساعة التي ذكرت في مطلع الحديث :

( ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ، ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون . وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون . وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا : ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك . فألقوا إليهم القول : إنكم لكاذبون . وألقوا إلى الله يومئذ السلم ، وضل عنهم ما كانوا يفترون . الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون ) . .

والمشهد يبدأ بموقف الشهداء من الأنبياء يدلون بما يعلمون مما وقع لهم في الدنيا مع أقوامهم من تبليغ وتكذيب والذين كفروا واقفون لا يؤذن لهم في حجة ولا استشفاع ولا يطلب منهم أن يسترضوا ربهم بعمل أو قول ، فقد فات أوان العتاب والاسترضاء ، وجاء وقت الحساب والعقاب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ نَبۡعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٖ شَهِيدٗا ثُمَّ لَا يُؤۡذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلَا هُمۡ يُسۡتَعۡتَبُونَ} (84)

وقوله :

{ ويوم نبعث } الآية وعيد ، والتقدير : واذكر يوم نبعث ، ويرد { شهيداً } على كفرهم وإِيمانهم ، ف «شهيد » بمعنى : شاهد ، وذكر الطبري أن المعنى : ثم ينكرونها اليوم ، { ويوم نبعث من كل أمة شهيداً } ، أي : ينكرون كفرهم فيكذبهم الشهيد ، وقوله : { ثم لا يؤذن } ، أي : لا يؤذن لهم في المعذرة ، وهذا في موطن دون موطن ؛ لأن في القرآن أن : { كل نفس تأتي تجادل عن نفسها }{[7396]} [ النحل : 111 ] ، ويترتب أن تجيء كل نفس تجادل ، فإذا استقرتَ أقوالهم بعث الله الشهود من الأمم فتكذب الكفار ، فلم يؤذن للمكذبين بعد في معذرة ، و { يستعتبون } ، معناه : يعتبون ، يقال : أعتبت الرجل إذا كفيته ما عتب فيه ، كما تقول : أشكيته إذا كفيته ما شكا ، فكأنه قال : ولا هم يكفون ما يعتبون فيه ويشق عليهم ، والعرب تقول : استفعل ، بمعنى : أفعل ، تقول : أدنيت الرجل واستدنيته ، وقال قوم : معناه : لا يسألون أن يرجعوا عما كانوا عليه في الدنيا{[7397]} .

قال القاضي أبو محمد : فهذا استعتاب معناه طلب عتابهم ، وقال الطبري : معنى : { يستعتبون } ، يعطون الرجوع إلى الدنيا فيقع منهم توبة عمل{[7398]} .


[7396]:من الآية (111) من سورة (النحل).
[7397]:جاءت هذه العبارة في بعض النسخ كالآتي: "لا يشكون أن يرجعوا كما كانوا عليه في الدنيا".
[7398]:قال القرطبي: {ولاهم يستعتبون} يعني يسترضون، أي: لا يكلفون أن يرضوا ربهم؛ لأن الآخرة ليست بدار تكليف، ولا يتركون إلى رجوع الدنيا فيتوبون. ا هـ. وقال المهداوي: أصل الكلمة من العتب وهي الموجدة، يقال: عتب عليه يعتب إذا وجد عليه، فإذا فاوضه ما عتب عليه فيه قيل: عاتبه، فإذا رجع إلى مسرتك فقد أعتب، والاسم: العتبى، وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي العاتب " ا هـ. وقال النابغة: فإن كنت مظلوما فعبدا ظلمته وإن كنت ذا عتبى فمثلك يعتب