{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ( 84 ) } .
ولما بين سبحانه من حال هؤلاء أنهم عرفوا نعمة الله ثم أنكروها وإن أكثرهم كافرون ، أتبعه بأصناف وعيد يوم القيامة فقال : { وَ } اذكر { يَوْمَ نَبْعَثُ } ، أي : نحيي ونخرج ، { مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا } ، أو المعنى : يوم نبعث وقعوا فيما وقعوا فيه ، وشهيد كل أمة نبيها ، يشهد لهم بالإيمان والتصديق ، وعليهم بالكفر والجحود والتكذيب .
قال ابن عباس : شهيدها نبيها ، على أنه قد بلغ رسالات ربه ، قال الله : { وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } ، قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قرأ هذه الآية فاضت عيناه ، وذلك اليوم هو يوم القيامة .
{ ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } في الاعتذار ، إذ لا حجة لهم ولا عذر ، كقوله سبحانه : { ولا يؤذن لهم فيعتذرون } ، أو في كثرة الكلام ، أو في الرجوع إلى دار الدنيا وإلى التكليف ، أو في حالة شهادة الشهود ، بل يسكت أهل الجمع كلهم ليشهدوا الشهود ، أو لا يؤذن لهم في معارضة الشهود بإلقاء معذرة أو إدلاء بحجة بل يشهدون عليهم ويقرونهم على ذلك ، وإيراد { ثم } ها هنا ؛ للدلالة على أن ابتلائهم بالمنع عن الاعتذار المنبئ عن الإقناط الكلي أشد من ابتلائهم بشهادة الأنبياء .
{ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } ، أي : لا يطلب منهم العتبى ، أي : الرجوع إلى ما يرضي الله من العبادات ؛ لأن العتاب إنما يطلب لأجل العود إلى الرضاء ، فإذا كان على عزم السخط فلا فائدة في العتاب . والمعنى : أنهم لا يسترضون ، أي : لا يكلفون أن يرضوا ربهم ؛ لأن الآخرة ليست بدار عمل ولا تكليف ، ولا يتركون إلى رجوع الدنيا فيتوبون .
وأصل الكلمة من العتب ، وهو الموجدة ، يقال عتب عليه يعتب إذا وجد عليه ، وبابه ضرب ونصر ، فإذا أفاض عليه ما عاتب فيه عليه ، قيل عاتبة فإذا رجع إلى مسرته قبل أعتبه ، والاسم العتبى ، وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي العاتب ، قاله الهروي . فالاستعتاب التعرض لطلب الرضاء ، وهذا باب منسد على الكفار في الآخرة .
وفي الخطيب لا تزال عتابهم ، وهي ما يعتبون عليها ويلامون ؛ يقال : استعتبت فلانا ، أي : أزلت عتابه ، انتهى . واستفعل ، بمعنى : أفعل غير مستنكر .
قال الخليل : العتاب مخاطبة الإدلال ومذاكرة الموجدة ، وعاتبه معاتبة وعتابا ، وأعتبه : سره بعدما ساء ، واستعتب وأعتب بمعنى ، واستعتب أيضا : طلب أن يعتب ، أي : استرضاه فأرضاه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.